عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 13/08/2008, 18h23
الصورة الرمزية حارس الفنار
حارس الفنار حارس الفنار غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:147884
 
تاريخ التسجيل: janvier 2008
الجنسية: تائه من مدائن الشجن
الإقامة: القصائد المهجورة
المشاركات: 79
افتراضي رد: طرائف و نوادر من عيون التراث العربي

[ بديهة أبي العلاء ]




نقل الحافظ اليعمري أنَّ أبا نَصر المَنَازِيِّ ـ واسمه أحمد بن يوسف ـ دَخَل على أبي العلاءِ المعرِّي في جماعة من أهل الأدب ، فأنشد كُلّ واحدٍ منهم مِن شِعرهِ ما تَيَسَّر ، فأَنْشَدَ أَبو نَصْر :

وَقَانَا لَفْـحَةَ الرَّمْضَـاءِ وَادٍ ـ سَقَاهُ مُضَاعَفُ الغَيثِ العَمِيمِ
نَزَلْنَا دَوْحَهُ فَحــنَا عَلـَيْنَا ـ حُنَّـو الوالِدَاتِ على الفَطِيمِ
وأَرْشَفَنَا عـلى ظَـمَأٍ زُلاَلاً ـ أَلَذَّ مِنَ الـمُدامَةِ للـنَّـدِيمِ
يَصُدُّ الشَّمْسَ أَنَّـى واجَهَتْنَا ـ فَيحْجُبها ويَـأْذَنُ للنَّـسيمِ
تَرُوعُ حَصاه حَاليةَ العَذَارَى ـ فتَلْمسُ جـانبَ العِقْدِ النَّظيمِ
فَقَال أبو العلاء : أَنْتَ أَشعر مَنْ بالشام .

ثمّ رحل أبو العلاء إلى بغداد ، فدخل المَنَازِي عَلَيه في جماعة من أهل الأدب ببغداد ، وأبو العلاء لا يَعرِفُ منهم أحدًا ، فأنْشدَ كلُّ واحدٍ ما حضره من شعره ، حتَّى جاءَت نَوبَةُ المَنَازيُّ فَأَنْشَدَ :

لَقَدْ عَرَضَ الحَـمَامُ لنَا بِسَجْعٍ ــ إِذَا أَصْغَى لَـهُ رَكبٌ تَلاَحَى
شَجَا قلبَ الخَلِيِّ فقـيلَ غَـنَّى ـ وَبَـرَّحَ بالشجيِّ فَقـيلَ نَاحَا
وكم للشوق في أَحـشاءِ صَبٍّ ـ إِذَا انْدَمَلَتْ أَجَدَّ لـهَا جِراحَا
ضَعِيفُ الصَّبرِ عَنْكَ وإِنْ تقَاوى ــ وسَكْرَانُ الفؤادِ وإنْ تَصَاحَى
كذاك بَنو الهَوى سَكْرَى صُحَاةٌ ـ كأحدَاقِ المها مرضى صِحَاحَا
فقال أبو العلاء : ومن بالعراق ؛ عطفًا على قوله : (( مَنْ بالشام )) .
__________________

ألِفَ الـحزنَ قـلـبـُهُ فــتـســـامَا
ــ وقرى الهمَ فاستـطاب المُقامَا
واستَــدَارَتْ به الـعُـيـونُ فَـآسٍ ــ قد رثـــى حـــالـه وآخــــرَ لاما
لـم يعد في يديــه غـير حـروفٍ ــ قـاسمته الأسى فَبتنَ ندامـى

حارس الفنار
رد مع اقتباس