عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 27/03/2011, 14h52
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: avril 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
افتراضي العلاقة بين التصوف وشعراء الملحون (الشعر الشعبي) في الجزائر_3_

3 ـ الشعر الشعبي (أوالملحون) وعلاقته بالتصوف

وأشار العلّامة ابن خلدون في مقدّمته إلى الشعر الملحون او الشعبي فذكر أن واضعه هو رجل من أهل الاندلس كان يعرف بابن عُمَيِّر (بضم العين وفتح الميم وتشديد الياء المكسورة) الذي نزل مدينة فاس وعنه نقل الناس هذا الأسلوب في نظم الشعر بدون تكلّف.وهناك شخصية عظيمة أخرى ظهرت أيضًا في طليعة هذا الميدان، وهو محمّد بن عيسى الشهير بابن قزمان الأندلسي الزجّال (555 هـ ـ 1160م)الذي غمر الأدب الأندلسي بأزجاله وشعره الملحون، ويسّر بإبداعه هذا ما كان متعسّرًا على العامة، فأخذ كلّ واحد منهم ينظم كلماته شعرًا على النمط الجديد بلهجته الخاصة دون كلفة ولا تعاطٍ للأوزان الشعرية الخليلية التقليدية، وهذا ما سمي بعد ذلك في ارض الأندلس بالزجل، الذي نظموه على أوزان جديدة انتشرت بعد ذلك في المشرق أيضًا وجعلوا لها أسماء مثل (كان وكان) و (الموّالية) و (السلسلة)و (الدوبيت) و (المستطيل)و (المنسرد) و (المطرب)، ممّا عرف عند الأدباء بفنون الشعر السبعة، وقالوا "هذه لا تسمّى شعرًا لأن أوزانها مخالفة لأوزان العرب" وجعلوها من الأبحر المهملة (9) .
إن الشاعر الشعبي (أو شاعر الملحون) يمتص جانبا من التصوف ثم يعيد نسجه وتنظيمه وفق ما تزود به من علوم ومعارف دينية. وهنا نلاحظ أن الشاعر الشعبي لا يجهل الأبعاد الحضارية لخطابه، فهو يستفيد مما تعطيه الجماعة الشعبية كما يستفيد من مؤهلاته الاجتماعية و الثقافية.
ويلاحظ المتتبع لقصائد الشعر الشعبي (الملحون) أن الحكاية التي يرويها الأدب الشعبي هي سبيل واضح لاستكشاف الوعي الصوفي في مستوى من مستوياته، والتعرف و لو بشكل أولي على ما يعتمل داخل المجتمع من نشاط ديني وثقافي. وغني عن القول أن الشاعر الشعبي الصوفي متأثر بالثقافة الدينية والشعبية التي أخذها من محيطه والوسط الذي عاش فيه، هذه الثقافة التي تعتبر زادًا معرفيًا متنوعًا تقدمه (الجامعة الشعبية) المتمثلة في المساجد والزوايا.
وفي هذا السياق ينبغي التأكيد على أن معظم شعراء الملحون الجزائريّين والمغاربيّين إن لم نقل جميعهم هم من الصوفية .و نذكر من بينهم على سبيل المثال لا الحصر :
سيدي لخضر بن خلوف، عبد العزيز المغرواي، الحاج محمّد النجّار، الحاج عيسى لغواطي، الشيخ عبد الرحمن المجدوب، الحاج مبارك بو لطباق، سيدي أحمد لغارابلي، عبد القادر بلوهراني، سيدي أمحمّد بن عودة، سيدي بلحسن وغيرهم.
ومن الممكن أن نضيف إلى هؤلاء أسماء أخرى من الشعراء الذين كتبوا في المديح النبوي والوعظ ومدح الأولياء والصالحين، حتّى و إن لم يشتهروا كصوفية ولكن نصوصهم مشرّبة بالروح الصوفية والمصطلحات الصوفية.ومن بين هؤلاء الشاعر التلمساني أبو عبد الله الحاج محمّد بن أحمد بن مسايب الذي عاش في القرن 12 الهجري و أصله من الأندلس، كان يكتب في العديد من الأغراض غير أنّه عندما يكتب في المديح النبوي أو الوعظ أو مدح الأولياء، لا يستطيع القارئ أن يميّز بين شعره وشعر غيره من الشعراء المتصوّفين وذلك لشدّة غوصه في الأحوال و التعابير الصوفية.
رد مع اقتباس