عرض مشاركة واحدة
  #78  
قديم 16/01/2010, 23h14
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات

مقهى البيروتي
والملا عبود الكرخي

عبد الكريم الوائلي

يقعُ مقهى البيروتي.. على الضفة اليمنى من نهر دجلة في جانب الكرخ، جنوبي جسر الشهداء، وقد نسب هذا المقهى الى صاحبه الحاج محمد البيروتي. الذي نزح من بيروت ابان العهد العثماني واتخذ الحاج جانب الكرخ مستقرا ومقاما له منذ سنة 1897م وظل يدير هذا المقهى والذي صار منتدى لوجوه بغداد وعلمائها وشعرائها من كل حدب وصوب وقد توفي الحاج محمد البيروتي سنة 1916.

مخلفا ابنه ابراهيم وعبد الفتاح وقد احترفا حرفة ابيهم.
وكان يزور هذا المقهى الشاعر الفقيه محمد سعيد الحبوبي، كان مقهى البيروتي من اكبر مقاهي بغداد.
حيث يرتاد هذا المقهى كبار التجار ورؤساء العشائر والاعيان ورجال الدين.
وكان الشاعر المعروف الملا عبود الكرخي من الرواد الدائميين لهذا المقهى.
وخلال الاجتماعات التي شهدها المقهى.
حيث كانت تبحث القضايا العامة، وكم من وقفة سياسية قد اتخذت ضد سلطات ذلك العهد صدرت من روادها التي لم يكن زوارها من الكرخيين وحدهم ، بل ان الكثير من اعلام الرصافة كانوا يترددون عليها يوميا.
فضلا عن زوار بغداد من المحافظات التي كانت تنطلق وسائل النقل اليها من جانب الكرخ.
حيث وصف المرحوم جعفر الخليلي وصفا طريفا في كتابه “هكذا عرفتهم” قائلاً “اكبر مقاهي بغداد على الاطلاق، وكان يقوم على الجسر من جانب الكرخ ويمتد بموازاة نهر دجلة، وخلفه يمتد سوق هو الطريق الوحيد الذي يسلك منه السالك الى القصور القائمة على نهر دجلة حتى السفارة البريطانية، ولم يبق اليوم اثر لمقهى البيروتي ولا للسوق وانما تقوم عليها بنايات وساحة لوقوف السيارات.
وكان مقهى البيروتي يعتبر بمثابة نادِ عام,وملتقى لجميع التجار ومضرب موعد لجميع الذين يقدمون من خارج بغداد ومن جنوب العراق خاصة وكانوا يحملون معهم الكثير من الرسائل ويسلمونها الى ابراهيم البيروتي وهو بدوره يوزعها بين اصحابها من رواد المقهى.
اما ما يتبقى من الرسائل فيصفها فوق “رف خاص بالرسائل” اوفوق صندوق الرسائل ليتسلمها صاحبها حين يمر بمدخل المقهى. كان التختان المتقابلان في مدخل المقهى مخصصين للشعراء والادباء امثال الملا عبود الكرخي والحاج مجيد مكية، ومحمد سعيد التكريتي وكاظم الفهداوي وشكر الملا حسين وتوفيق الخانجي عم الاستاذ يوسف العاني ومحمود الحاج جواد الشكرجي وفائق التكريتي وداود الوتار. ولم تكن في عهد محمد البيروتي العاب الورق والدومينو والنرد والزار الصينية داخل المقهى وقد دخلت بعد وفاته . وتولى ابراهيم ادارته فانقلب جو المقهى من الهدوء والراحة الى صخب وضجيج مما اضطر عدد من روادها الى تركها والجلوس في مقهى اخر، وكان اول التاركين الى هذه المقهى هو المرحوم فائق التكريتي حيث جاء في قصيدة الشاعر الملا عبود الكرخي المنظومة عام 1924م: ترك “كهوة البيروتي” الشهم “فايق التكريتي” تركها، حق معاه قمار بيها لعب ليل نهار كال “الصاي” كال “الزار” كال انطيني “صينيتي” معاك الحق اخي “فايق” على اقرانكم “فايق” انا مثلك اخي ذايق مرار، وانهزم نيتي تسمع فقط حس صايات تترادم على الميزات وهرجه وضجه وللفوات الاحسن اكعد بيتي.
ولابد لنا ونحن نؤرخ لهذا المقهى الشهيرة ان نقول انها كانت في الفترة التي سبقت انتشار الصحف سوقا ادبية ينتابها كل من لديه الرغبة في القاء كلمة او قصيدة في المناسبات الدينية والوطنية وغيرها. وفي تلك الايام ذر قرن المهاجاة العنيفة بين الشاعر الكرخي واعوانه وشاعر من جانب الكرخ وشلته.
وكان لكل منهما رواية يتولى قراءة ما يستجد من شعره ضد الشاعر الخصم فكان فاضل الحاج عباس وهو شاعر شاب من “فحامة الكرخ” رواية الكرخي وهو البادئ بالتحرش بقصيدة من وزن “البند” اولها “الا يالعنة الله على الكرخي عبودفاجابه الشاعر الكرخي بعشر قصائد اخزته الى يوم الدين حيث يقول فيها: راوية عنده ها لمخنث “اسد” اصفهاني عجمي طرطرلي هدد كل نهاره يكوم يكعد بالبلد صاحبه ينطيه شتمي بتسكره.
ومما يجدر ذكره انه ممن هجاه الكرخي مع اسد العجمي في قصيدة تعد من روائع منظوماته الهجائية حيث يقول: لاكتب اعلانات وانشر بالبلد عن عمل “سلمان” واللوتي “اسد” (اسد) لوتي من حثالة اصفهان وصاحبه “سلمان ابن البهلوان” كلا وجيه وحرامية من زمان مثلهم بالبشر ما يوجد ابد!؟
الحديث يطول ويطول على هذا المقهى ولكننا بما اسلفناه من لمحات وذكريات تراثية بغدادية .
منقول للفائدة عن
صحيفة المدى
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس