عرض مشاركة واحدة
  #77  
قديم 16/01/2010, 22h59
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات

مقهى حسن عجمي
كبرياؤه من كبرياء رواده وزمانه من زمانهم

بدر السالم
يرتبط مقهى حسن عجمي اسما ومكانا، بعلاقة تماس معروفة مع الادباء والمثقفين لا بوصفه تاريخا مجردا او مكانا وحسب، انما بوصفه علاقة متينة الخصوصية بما هو عليه من تبدلات وانتقالات خارجية وداخلية لانه مركز اثير يدور الكثيرون فيه وحوله من اجل اشياء منظورة وربما غير منظورة وليس اقلها الوقوف في اللقطة اليومية المتكررة كأدباء..

وهو هاجس لابد من الاقرار بسطوته وهو يشد ادباء الخطوات الاولى بخجل اول الامر ومن ثم بثقة تظل مرهونة بالزمن والتجربة والموهبة فقد تبارك هذا المقهى حصرا، دون غيره من مقاهي العاصمة تلك الخطوات القلقة ويمنحها (اجازة) العبور الى احلام اليقظة المعلنة وغير المعلنة.
هذه الروابط المعروفة، بين المقهى وادبائها صارت مع الزمن والاحداث المتتالية رابطة منسوجة بحضور مستمر، معلن بين الطرفين، وقد لاتنفصل ذات يوم الا بانفصال المكان عن مرتاديه لسبب ضاغط، وفي الارجح، ربما سيكون سببا تجاريا، وبالتالي علينا ان نتصور شكل الطلاق القسري بين المقهى والادباء والتشتت الناجم حالة واقعة ومن ثم البحث المجهد عن مكان بديل ولابد من ان يكون مقهى كأرض بكر تتقبل زراعة تاريخ آخر على انقاض تاريخ سابق، قد لايكتب له النجاح، وهذا مؤكد الى حد ما، بسبب الاغتراب، المزدوج الذي سيحل بالطرفين المقهى والادباء.. على ان هذا الافتراض سيظل متوقعا وقد لايحدث تماما لتبقى متوالية التعاقب الجيلي قائمة هي الاخرى وليبقى المكان- المقهى محورا حاسما بمركزيته في الشد والجذب والاقصاء فيما بعد.. شكل الصراع سوف يكون مستترا.. وقد كان ذلك بين المكان وشاغليه.. وهو صراع متبادل تحركه نزوات آنية فرضها ظرف طارئ، لكن سرعان ما تعود الاشياء الى سابق وضعها مصممة على أسس تبادل المنفعة، وفرة المكان / ووفرة المكين؟/ وتبادل الخطابات والشفرات حرصا على سلامة التواصل والحضور/ اعانة شاغلي المكان لديمومة اللحظات الغامضة/ وتعويق الزمن في ايقاف المكان – المقهى من قبل مستغلي المكان ورواده الذين انقذفوا من التاريخ القريب او الذين ولدوا تحت اضواء النيونات الملبدة بالغبار الى ما شاء الزمن ان تتلبد؟.
هكذا هي (القيمة) القديمة بين الاثنين في لعبة الشد النفسي والتاريخي، فبعد ان أغلق مقهى (البرازيلية) لسبب ما وترك مقهى (البرلمان) وظيفته ليتحول الى مطعم للكباب! اضطر (الجميع) الى الهجرة الى مقهى حسن عجمي وهي هجرة مؤقتة نفسيا الا انها باتت اقامة دائمة لا تعتورها الشكوك ولكن تفترعها الظروف القاسية منذ عشرين سنة على وجه التحديد.
أجيال أدبية الاتساع المقصود هو في القيمة الزمانية – المكانية للمقهى نتيجة ولادات اجيال جديدة وظهورها على مسرح المقهى بشكل يدعو الى الاعجاب والتأمل والاستفهام ايضا، مما يعزز المكان – المقهى لاحلام اليقظة المشروعة لدى الكثيرين الذين يتزودون هنا وعلى مر الايام، باحلام اكثر واقعية وصراحة، ولكن بعد زمن لايطول هذه المرة وما الانتكاسات او الانكسارات (كذا) التي تصيب بعضهم وبخاصة القادمين من المحافظات العراقية القريبة من حزام العاصمة او حتى البعيدة عنها، ماهي الا جزء صغير من الواقع او احلام الواقع سريعة الزوال امام صراحة المقهى وهي تتحول من مكان الى زمان بوصفها مركزا جاذبا واردا ايضا (المقهى عاصمة اذن)! على ان الكثيرين ايضا قادرون على التضحيات بشكل مستمر ويتآزرون بالحاح، لكسر شوكة المقهى، متناسين شؤونا مهمة في الحياة واقفين بعناد، منشغلين بحضورهم المزدوج او الحقيقي او الهامشي لغرض توسيع قاعدة المشاركة ولو كره الاخرون؟ وبذلك انشغلت تخوت جديدة باسماء جديدة في المقهى وقد تكرر هذا الامر دائما وسيتكرر ما دام هذا المركز له خاصية الجذب المستمر ومادام هناك آخرون يتعاقبون على وفق النظام الوراثي المعروف، ولكن على طريقة الوصول الى ماهو مشاع، فالمقهى هو (ام) الجميع من حيث هي (رحم) له امكانية ضم الجميع بلا استثناء، دون ان تصبح ابا يوزع اهتماماته بين الابناء العاقين والمشاكسين والعقلاء بصورة متساوية ودون تفضيل هذا الابن على ذاك، فهذا لن يحصل ابدا، لان المقهى غير قادر على تبني نظام الابوة الصارمة فذلك من شأنه ان يخلق فوضى ليس من اليسير كبحها، بل يحولها الى مقهى دون امتيازات اخذت تسعى اليها عبر التجربة الطويلة، وانشأت لها طقسا لا واعيا في الارجح في مكوناتها السرية – المادية.
اما الانغلاق المشار اليه عرضا فهو يقتضي النظر الى طبيعة الرواد المواظبين منهم او الطارئين الذين قد يكتسبون حضورا اكثر من الرواد (التاريخيين) المتوالدين عبر الظروف والحقب والاجيال فهنا ستكون الدورة معكوسة، اذا تحقق ذلك الاكتساب ولن يحقق المقهى في رواده المتعاقبين عبر المواهب واستنساخها اي اكتفاء ذاتي بل سوف يحتاج دائما الى عابري سبيل او ممتقعين وربما الى اصناف اخرى من البشر افرزهم الواقع الرازح تحت ثقل الحصار؟.
حضور عابر ان طرفي الاتساع والانغلاق مرهونان ليس بالزمن وحده وتغير الظروف فقد يكون هذا تحصيل حاصل لكنهما مرهونان بالالتصاق القصدي في جلدة المقهى او الانسلاخ عن رحمها والاكتفاء بالحضور العابر على طريقة تزجية الوقت او احصاء الهموم البيتية، وهذا ما تستوعبه المقاهي كلها، وهذا ايضا سوف يسلب مقهانا فضيلة الزمان والمكان وفضائل اخرى لان الهدف الكامن هو الا يتحول مقهى حسن عجمي الى مكان مجرد والا فالامكنة مرمية في كل مكان؟؟ وان لقاءات التحية يمكن ان تتم عبر الهاتف بشكل مستمر دون انقطاع والولادات الادبية ستبحث عن (رحم آخر) وتجمل له سماته واركانه وتخلق له مزايا نادرة وتزور له تاريخا فاضلا؟.
وجد المقهى (حسن عجمي) بوجود شارع الرشيد، فهل نستطيع ان نتصور العكس؟ لا اعتقد ذلك فالمقهى ليس له علامة فارقة في شارع الرشيد وليس له علامة فارقة في ذاكرة مسافر او عابر او طالب جامعي قاده الواجب الدراسي للبحث عن مصادره في شارع المتنبي.
وجد المقهى بوجود شارع الرشيد ولايجوز افتراض العكس.. ان ذاكرة (حسن عجمي) من ذاكرة (شارع الرشيد) وارجو الا يكون هذا فرضا متعسفا ان ميزة هذا المقهى هي في انفصالنا التدريجي عن شارع الرشيد الذي فقد جزءا كبيرا من ملامحه وذاكرته، وهو انفصال قررته ظروف متعاقبة، لتستقل باطارها وتجتذب اليها ذاكرة اجيال اضيفت مكتنزة بما هي حياتي وحيوي، تلك الاجيال التي قدمت مكتنفة بالمشاريع والهواجي واحلام اليقظة المستمرة، ولعلنا سنقرر ان الانفصال من ذاكرة شارع الرشيد ليس مقصودا بذاته، كما ليس مخططا له من قبيل اي طرف يعنيه هذا المكان اولا يعنيه.. على افتراض ان كل ذاكرة تؤسس علاقاتها الجدية بما هو مضاف اليه من معرفة مقرونة بالخبرة والتجربة بعيدا عن (استعمار) الماضي ومحدداته وذاكرته.
تطلق تسمية (مقهى الادباء جوازا على مقهى حسن عجمي) وهي تسمية محلية اتفق عليها دون اتفاق علني، ولكنه اتفاق قائم، ولم تطلق هذه التسمية بشروط يمكن قراءتها ولن تكون ثمة شروط لمستقبل هذا المقهى على اساس هذه التسمية او غيرها مما ينتجه ظرف قادم، ويتضح من التسمية في حقيقة الحال اطراد متحصل من الرواد كان وراء ذاك العنوان العريض، فتعاقب الظروف القاسية وتخاطف السنوات وولادات اجيال قذفها الواقع المحتدم الى واجهة الحياة بشكل قيصري في بعض الاحيان، تم التركيز على التسمية المذكورة لا من قبل (المسمى) هذه المرة انما من المقيمين على شؤون المقهى، حصرا فهل هذا وعي مكتسب؟ ان تتم المسميات عن معرفة ضرورية لما هو مسمى؟. لا اظن ذلك ولا استطيع قبول هذا الاحتمال بشكل نهائي لان معرفتي بـ(ادارة) هذا المقهى لايصل اليها الشك في ان الوعي المستنتج من هذه التسمية هو وعي (عفوي) وليس (اميا) كما يتبادر الى الاذهان اول الامر فهو وعي متحصل لنمط من الرواد صيروا للمقهى علامة مميزة وجعلوا له دالة خصوصية عليهم وعليها، فقد يكون هذا من قبيل الاحتراس الضمني في تبادل الادوار بين المقهى ورواده من الادباء، وهي ادوار ذات لعبة مفضوحة الاسرار يلجأ اليها الطرف الاول –المقهى عادة.. تبعا لحالتي الاتساع والانغلاق المشار اليهما في توطيد او تشتيت العلاقة ذات المنفعة المشتركة. التسمية المتفق عليها بلا شروط معلنة (مقهى الادباء) لم يخضع لاشاعة قديمة او حديثة، بل الى حقيقة يومية ملموسة ترسخت عبر معاناة اجيال وانصراف حقب، وترسخت في اوقات مضت ثم اضمحلت في اوقات اخرى، ثم عاودت الظهور حقيقة لا مفر من اقرارها واعتدادها/ من وجهة نظر المقهى/ مكسبا قادما من ظروف متفجرة حملت معها ظواهر بشرية وادبية تناوبت في الجلوس على تخوت المقهى وما تزال متشبثة بها عنوة.. ثم ان غياب وجوه متعددة لهذا السبب او ذاك وانحسارها وظهور بدائل شرعية وغير شرعية اخذت تتسيد المكان- المقهى بوصفها وريثة للوجوه الغائبة او امتدادا لواقع الحال الادبي في مشهده الواسع.. كان هذا اعطى (ادارة) المقهى وهي ادارة لم تتبدل خلال عقد من الزمان ونصف زخما معنويا ظاهريا وباطنيا في مغازلة تلك التسمية او اخراجها الى الوجود وعدها واجهة اجتماعية منيرة تبز بها مقاهي القمار والريسز والصفات التجارية التي تتم عبر دخان الناركيلات ذات الرائحة التي لم ولن تتغير الى وقت ليس قريبا؟ لماذا هذا التحول البطيء في النظر الى الرواد المزمنين والجدد ممن وضعوا ثقتهم في القدر على امل الايغال في احلام اليقظة؟. ما يفكر به المقهى لا استطيع الجزم بما (يفكر) به المقهى؟ ولكن لدي تخمينات اولية معززة بالشواهد الدالة على مثل هذا التحول، ولعلها شواهد مستقاة من صميم العلاقة اليومية النافذة، وهي شواهد قام بها بعض المسرحيين اول الامر ثم اتسع الامر الى آخرين من الشعراء وكتاب القصة/ فالفسحة العارية القريبة من نافذة الشارع كانت محرمة على الجميع قطعا/ وظل الشك يراود (ادارة) المقهى في ان اية حركة يقوم بها بعضهم سوف تكون مرصودة من عيون غريبة مبثوثة هنا وهناك وهذا شك له اساس تطبيقي في واقع العلاقة بين المكان ورواده لانه من ذاكرة قديمة دهمتها الفوضى ردحا طويلا من الزمن وربما ظرف الحرب اسبغ طاقة غريبة على وعي عفوي/ شبه امي/ كبرت امامه الفجيعة فتصور ان الاعلان عن مسرحية او امسية شعرية هو بالضرورة سوف يكون احالة لا واعية الى (ملصق) ناشز قد يسبب الخراب؟؟.. لكن التمرد ظل قائما، فظهرت/ عنوة، ملصقات اخرى صغيرة اخذت تتكاثر وتنمو بعناد معلنة عن امسية شعرية او ندوة قصصية او عرض مسرحي، يسار الجالس قريبا من نافذة الشارع.. وهي موجهات انية لمشروعات حقيقية او متخيلة او مجهضة او تحمل قدرا لا بأس به من الاماني واحلام اليقظة التي تتحفز، عبر الشاشة المجانية، آملة ان تكون حقيقة يجب الاعتراف بها لاحقا.
ان (استباحة) الشاشة الامامية قصد وزوال الخطر المحتمل جعل تحولا آخر/ وان كان بطيئا/ يتردد في (رأس) المقهى؟ وهو تحول مشهود في ستراتيجيتها؟ وأظن ان لهذا اسبابه التي لا اجيد الافصاح عنها كمحايد.. وكان ذلك التحول السلحفاتي هو عبارة عن اشارات مصالحة ضمنية لتبني التسمية، للاعلان الصريح عن انتماء خجول لهذا الواقع المتوثب دائما.. فاخذت التحولات البطيئة تظهر بوصول الرسائل الواردة الى الاخرين، من داخل العراق وخارجه، وهي تجد طريقها سالكا للمرسل اليهم، بل كان تارة المقهى اكثر حرصا على ايصالها بالسرعة الممكنة، تنفيذا لا واعيا لقرار التسمية غير المعلن صراحة باقامة جسر جديد عن العلاقة (المتكافئة) بين الاثنين ظاهره ايماءة للتميز والتفرد، وباطنه مرتهن لظروف قادمة. وما دامت التخمينات الممكنة لها طاقة لاستخلاص شيء من النتائج الدالة فمن الضروري ان نتذكر اللافتة السوداء التي وضعها المقهى بعد وفاة القاص موسى كريدي ينعى مقهى الادباء الاديب موسى كريدي، باشارة صريحة ومباشرة لهيمنة التسمية الجديدة والاعلان عن (هوية) اجتماعية 0 ادبية لاسيما ان اللافتة ظلت وقتا اكثر مما يجب ملصقة على حائط المقهى وفي مكان لا يجلس فيه الادباء عادة!!. وهذه هي اول مرة في تاريخ المقهى توضع فيه مثل هذه اللافتة باسم يحمل مقهى الادباء، منحيا اسمه القديم مؤقتا ومعلنا انتماءها الواضح الى فصائل الادباء في تحول استراتيجي سريع وحاسم وربما وجد بعض الادباء ان الاسم الجديد، على وفق اللافتة ليس مشروعا على هذا النحو المباغت برغم الممهدات الاولية التي حاول بعضهم تكريسها عبر شاشة الحائط المتسخ الى الابد برغم ان تلك التسمية ترضي غرور الكثيرين منا ساعدهم الحظ او الموهبة على الوصول الى تخوت (مقهى حسن عجمي) والجلوس الطويل بأمل قطع التذكرة الثانية في القطار الصاعد الى .. الاحلام!!. سيكون من الواضح انه يجب تخطي التسمية وعدها (حالة) ما، فأية حالة لاتوصف هي عرضة للقلق والارتكاز واي وصف كهذا هو حالة توجب الاخذ بها سلفا والارتكاز الى (مضمونه) فهذا المكان – المقهى بتحولاته الطريفة البطيئة ينبغي ان لايوصف بحالة لانه يوصف ويفلسف على اساس ارتباطاته بالتاريخ والزمان والحيوات المتناوبة عليه، كما يرجى الا يفهم ان لنا موقفا من التسمية، على بساطتها، التسميات زائفة ولكن موقفنا يتوزع في القراءة المكانية للمقهى وتكوناته وتبدلاته الظرفية وغير ذلك مما يتيح المجال للاخرين في قراءته مرات ومرات على وفق طبيعة كل قارئ وارتباطاته القسرية او العفوية بهذا المكان. موازنة ممكنة ان خلق موازنة بين طرفي العلاقة سيبدو امرا ممكنا على صعد شتى، فأي مكان اليف نواظب على ارتياده سوف يخلق فينا متنفسا ويطلق في دواخلنا امكانات مختلفة النيات على الفهم والافهام واستقطاب التجارب المحررة والمكبوتة وسوف نتمكن من تفسيرها والتعامل معها بحرية مثالية، لذلك فاقامة التوازن بيننا وبين المقهى- مكانا ثابتا- نحن الذين نتحرك- هو امر بديهي اذا ما توفرت خصال مشتركة في القدرة على الاستيعاب والتحليل والاستنتاج وان ترددنا الى هذا المكان هو غاية لتحقيق ما هو متخف في دواخلنا اولا او الاعلان عن اشياء بعينها، وهذا منطق متحرر قياسا الى الضغوط الهائلة التي نحملها وتحملنا، لاسيما ان عصر القراءات الصامتة- الودية التي تحمل قدرا من الالفة والطمأنينة قد ولى وحل محله عصر النظريات والشكاوى والبحث عن طرق سريعة للوصول الى اي شيء وكل شيء، ولكن ماذا يحصل لو ان المكان اخذ يتحرك ونحن نبقى في وضع الثبوت؟. ان سؤالا كهذا سيبدو مفترضا لكن هذه الفرضية قابلة للتحقيق، فعلا، لان الاسئلة عادة لاتولد من فراغ ولابد لها ان تكون محررة من عقد واشكالات وسوء فهم اكيد وربما سوء نية ايضا؟. وعلى هذا الاساس يكون السؤال مغايرا لواقع التطابق المطلوب بين المكان وشاغليه الدائميين وهو سر لايبحث عن جواب قاطع عن مكان ينبغي ان تكون له فرادة قصوى سواء في ثبوته واقعا وفي تحركه رمزا يحتمل شتى التوصيفات.. اما بقاؤنا في وضع الثبوت فهو احتمالية مرجحة لكننا لا نحل محل المكان – المقهى ولانكون بديلا لوعاء قابل ان يحتوي احلام اليقظة. ان الثبات حالة لاتتطابق مع مكنوناتنا الداخلية، ما كان منها معلنا وما كان سريا،، واعتقد انه ليس بوسع احد تقبل هذه الاحتمالية او مجرد التفكير بالوصول اليها، والا استحال الى كائن من اثاث؟. اي جزء من مكان، بل حالة طارئة غير اصيلة، على مكونات المكان ذات. ذاكرة المعاني يشكل المقهى من وعي (داخلي) وآخر (خارجي) يحددها (شكل) داخلي و(شكل) خارجي، وبنتيجة رياضية سيكون ثمة (شكل داخلي) و(شكل خارجي) وهذا الاخير ينسب الى تخطيط عمراني سابق يقع في التخطيط العمراني العام لشارع الرشيد ذاته، وليس لاحد فضل تأشيره فهو واقع محالة، فيما ينسب الاول الى الرواد المتعاقبين وهم يحملون (هوية) محددة ذات ملامح واحدة تقترب وتتباعد بحسب ظرفها، الشخصي وهي في الحالات كلها خارجة عن السياقات التقليدية لهويات الرواد التقليديين وبذلك تكون الشكل الداخلي وتمنح المكان (هيبة) جديدة وتوفره وتبعده عن سطحية الامكنة – المقاهي اي ان الحالة الثانية وعي – خارجي- شكل خارجي،، ستظل تابعة الى الحالة الاولى وعي – داخلي – شكل داخلي،، مستثمرة التغير والتبادل والولادات التي تقذفها اليقظة في التكونات الجيلية المستمرة والتي شغلت الفراغات وتركت وجوها بديلا لتكرار الوجوه الغائبة وارثة ملامحها الادبية وهويتها التي لاينقطع نسلها ذات يوم.. وكل ذلك لايجري مصادفة، كما انه لايجري بتخطيط قبلي.. انما عبر (لغة) موروثة فرضت على المقهى حقيقة مقررة،، هي في كل حالاتها قادرة على بث تقاليد مدنية مثقفة داخل هيمنة المقهى التي تحاول الموازنة بين شروطها الاستهلاكية وبين (انتمائها) الذي سيبقى معلقا الى اشعار آخر!. ان الادباء- الرواد، بوصفهم الحالة الاكثر تماسا مع (لغة المقهى) و(لغة) المجتمع سوف تكون لديهم الفرصة تلو الفرصة لان يقوموا (شكل) المقهى داخليا مبتعدين عما هو عارض وآني ومستهلك.. باحثين عن كنه (المعاني) المتوافرة بافراط وصولا الى تحقيق غرض متعدد الاضاءات سيدخل العملية الابداعية.. قصة وشعرا ورواية ومسرحا.. وهذا ليس شائكا اذا اخذ بنظر الاعتبار ان خطورة (المكان) هي في تحوله التدريجي الى (زمان) اي (لامكان).. ان هذا الانقلاب المتوقع سيحول طبيعة المقهى من حالة متحركة الى حالة من الفراغ والثرثرة واليأس.. فيتحول (الشكل الداخلي) الى حلبة من الصراعات النفسية والاشاعات وتثبيط الهمم.. اي يتحول المقهى الى (لامقهى).. ان الفرصة متوافرة حتما الى اقامة محددات جمالية صارمة في اعادة تنظيم الشكلين/ الداخلي والخارجي/ الى (معنى) اكثر شمولية وفائدة وتأثيرا على اساس ان المكان جزء لا ينفصم من الواقع المتحرك.. بل هو جزء واسع من ذاكرة (المعاني) التي قد لاتتكرر في شرائح المجتمع الكثيرة/ التي تتردد على المقاهي هاربة من اسى او ضجر او حالة او لحظة او يأس او أمل او وهم او حلم او تأمل.. اخيرا: ان كبرياء المقهى من كبرياء رواده.. اما زمانه فهو من زمانهم..
منقول للفائدة عن
صحيفة المدى
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس