عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28/03/2010, 08h49
الصورة الرمزية بلخياطي
بلخياطي بلخياطي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:440633
 
تاريخ التسجيل: juin 2009
الجنسية: جزائرية
الإقامة: ولاية الشلف
العمر: 38
المشاركات: 666
افتراضي حقائق عن مساهمة اليهود في التراث الموسيقي الجزائري

كتاب ''يهود الجزائر.. مجالس الغناء والطّرب'' لـ فوزي سعد الله
حقائق عن مساهمة اليهود في التراث الموسيقي الجزائري
صدر، مؤخرا، عن دار قرطبة للنشر، للصحفي فوزي سعد الله، كتاب ''يهود الجزائر.. مجالس الغناء والطرب''، الذي يعد آخر حلقات الكاتب عن يهود الجزائر، وتتويجا لبحوث استغرقت أكثـر من عشر سنوات، كان أولُها ''يهود الجزائر.. هؤلاء المجهولون'' وثانيها ''يهود الجزائر.. موعد الرحيل''، اللّذان صدرا قبل سنوات.
يعد كتاب ''يهود الجزائر.. مجالس الغناء والطرب''، موسوعة حقيقية لتاريخ الفن والتراث الموسيقي الجزائري ومرجعا موضوعيا ثريا، في دراسة الفاعلين الحقيقيين في هذا التراث والثقافات والشعوب التي أثرت فيه، لكنه بالأخص إجابة عن التضاربات والغموض الذي اكتنف حقيقة مساهمة الطائفة اليهودية في ميدان الطرب الجزائري. يقودنا المؤلف عبر 464 صفحة، في رحلة استقصائية طويلة، لتاريخ الموسيقى والغناء في الجزائر، يحدّد من خلالها العلاقة بين الفن الجزائري والطائفة اليهودية، ويضع حدّا للنظرة الأسطورية وحتى الغرائبية لمساهمتها فيه، خاصّة أن علاقة يهود الجزائر بالغناء والموسيقى المحلية، تحوّلت إلى إشكالية مثيرة للجدل، بعد رحيلهم عن الجزائر، حيث انطلق جدل واسع حولها، بدأت ملامحه تتّضح بعودة العديد من الوجوه الفنية اليهودية المنسية بقوة إلى الساحة الإبداعية والإعلامية وحتى من خلال الدراسات الأكاديمية. وشرعت إسرائيل في إقحام هؤلاء الفنّانين في مشروع ثقافي، يقوم على تصنيع هوية موسيقية متوسطية لغنائها، تكون بوتقة لصهر الفسيفساء الموسيقية الإسرائيلية المتضاربة الآفاق تدريجيا، لتصبح هذه ''المتوسطيةُ'' الهويةَ الجديدة الجامعة، لكل إثنيات المجتمع الإسرائيلي. وبمقتضى هذه السياسة الثقافية، أصبح بعض المطربين اليهود جزائريي الأصول، يُقدَّمون إعلاميا كرُواد موسيقى الرَّايْ ومؤسسيها، ويُوصَفون بأنهم شيوخ غناء المَالُوفْ الإشبيلي ويُنسبُ إليهم جميعا، فضل حماية هذا التراث الموسيقي العريق من الزوال..
يعود فوزي سعد الله، في كتابه، قرونا إلى الوراء، ليطرق أبواب أعلام الغناء الحضري في المجال الجغرافي، الثقافي المغاربي الأندلسي ويستنطقهم، منذ منصور اليهودي وداني الأندلسي في بلاطات الحُكم الأموي في قرطبة، إلى ابن سهل الإسرائيلي الأندلسي وابن باجة وبن سَاشِيلْ، المْعَلَّمْ مُوزِينُو، المْعَلَّمْ سَعُودْ المَدْيُونِي ومخلوف الرُّوشْ المعروف في تلمسان بـ ''بْطَيْنَة'' وحتى سلطانة داوود الشهيرة بـ ''رِينَاتْ الوهرانية''، وصولا إلى ريموند لِيرِيسْ وسِيلْفَانْ غْرِينَاسِيَّة ونجله غَاسْتُونْ غريناسية، المعروف بـ ''أنْرِيكُو مَاسْيَاسْ'' وغيرهم. حيث يعيد صياغة الحقائق التاريخية كما هي، من خلال تتبع مسارات هذه الأسماء وآثار أصحابها، عبر شهادات الفنّانين الذين عاصروها والمختصين من اليهود والمسلمين في الغناء الحضري الجزائري، على غرار الشيخ أحمد سِرِّي والأستاذ عبد المجيد المَرْدَاسِي والباحث ناصر الدين البغدادي وغيرهم. بالإضافة إلى شهادات بعض الفنانين اليهود من أصل جزائري وتونسي من المقيمين في فرنسا، على غرار يوسف حجّاج المعروف فنِّيا بـ ''جُوزِي دِي سُوزَة'' ومغني المالوف ''بول عَتَّالِي'' و''رُونِي بِيرِيزْ''، في تقديم لمحة أكثر توازنا وموضوعية عن علاقة اليهود بالغناء الجزائري وعن الأجواء التي مارسوا فيها هذا الغناء.
لا يقتصر الكتاب على تناول علاقة اليهود بفن الغناء والموسيقى في الجزائر، بل يُسلط الضوء، كذلك بشكل خاص، على تاريخ الفن الأندلسي فيها والفنون المشتقة منه كـ''الحوزي''، ''العروبي'' و''الزنداني'' وغيرها، وعلى رموزه ومشايخه وعلى سيرورة تجذره في الجزائر، منذ ساعاته الأولى، حيث يوضّح أن الجزائر كانت ولازالت إحدى دوائر الإنتاج الأساسية لهذا الفن العريق وتعليمه وترويجه، انطلاقا من عدة مدن عريقة تطغى عليها الثقافة الأندلسية. وإذا بقيت هذه الموسيقى توصف أو تُنسب إلى الأندلس فهذا طبيعي، ولا يُنقص شيئا من قيمة الإسهامات الجزائرية، هذا البعد الأندلسي العميق البصمات في الثقافة الجزائرية، يشكل أيضا أحد ثوابت الكتاب الجديد لفوزي سعد الله. وفي الأخير، ''يهود الجزائر.. مجالس الغناء والطرب''، أراده صاحبه أن يكون مرآة للجوانب المنسية في بنية المجتمع الجزائري وتاريخه، بل مرآة صافية تظهر عليها الحقائق كما هي، وتعكس بإنصاف الأحجام الحقيقية لصانعي هذه الحقائق، بعيدا عن المبالغات والإجحاف والتشويهات التي تفرضها السياسة والصراعات الإقليمية والدولية.
كما يعد الكتاب إسهاما حقيقيا في فهم حاضر الجزائر، من خلال الإشارات التي يُرسلها ماضيه، والتي يجب أن نُحسن التقاطها وتثمينها، إذا رغبنا في مستقبل أفضل، مستقبل أكثر جدية ومتانة، لأن الماضي يبقى دائما مفتاح الحاضر والمستقبل.




المصدر :جريدة الخبر: بوطلعة مسعودة

2010-03-28
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg elkha_juif_algerie[1].jpg‏ (18.7 كيلوبايت, المشاهدات 35)
نوع الملف: jpg 28-03-khab_rimoune[1].jpg‏ (12.0 كيلوبايت, المشاهدات 16)
__________________

رد مع اقتباس