عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 21/11/2010, 22h07
الصورة الرمزية أبو برهان
أبو برهان أبو برهان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:250856
 
تاريخ التسجيل: juin 2008
الجنسية: عربي
الإقامة: الوطن العربي
المشاركات: 116
افتراضي دقوا المزاهر

دقوّا المزاهر



أقدم في هذه المشاركة تحليلي المتواضع لأغنية دقّوا المزاهر ، آملا أن أكون قد أصبت بعضأ ممّا أراد الموسيقار الخالد أن يعبر عنه في هذه الأغنية الخالدة التي أصبحت من ضروريات الأعراس و المناسبات الاجتماعية.



أبدأ تحليلي بالقول أنه لا نؤاخذ عندما لا نستطيع أن نفهم جلّ أعمال العباقرة ، فلا يفهم على العباقرة إلا أمثالهم ، و ليس كلّ الناس عباقرة. لكن هذا لا يمنعنا من تناول أعمالهم بالبحث و التدقيق ، و كلّ على حسب فهمه و رؤيته لهذه الأعمال من منظوره الشخصي و العاطفي ، و لا أحد يستطيع أن يقول هكذا أراد ذلك العبقري بالضبط من هذه اللمسة الفنية أوتلك ، لأن هذا يتعلق بالإحساس و ما للإحساس ضابط .


ما أراد هذا العبقري من لمسته هذه أو تلك يعرفه هو فقط ، لكنه فارق دنيانا فأنّى لنا أن نأتي منه باليقين ؟؟. و ربما تكون هذه اللمسة عفوية منه ، لم يقصد بها شيئأ إن هي إلا "فلته" ، و لكن هي عندنا أعجوبة تستحق الكثير من الدراسة و التعمق و التفكر.



لماذا؟؟



أغنية دقوا المزاهر من مقام البيات ، إيقاعها الأساسي هو إيقاع الزفة 4 على 4 ، و الإيقاع الثاني هو إيقاع الملفوف 2 على 4 .



لماذا اختار إيقاع الزفّة ؟ .


أغنية دقّوا المزاهر تحكي قصة عرس و زفاف و اجتماع الأهل و الأصحاب من جانب العروسين فمن الطبيعي أن يختار هذا العبقري و حسب ما كان سائدا في زمن الأغنية إيقاعا مناسبا لكل هذا و هو إيقاع الزفّة. فهذا برأيي بديهي لا يحتاج إلى تحليل.


و لكن لماذا اختار إيقاع الملفوف؟؟ هذا ما سنعرفه لاحقا.



لماذا اختار مقام البيات ؟ .


لمقام البيات و كما يتبين من المخطط المرفق شأنا عظيما عند الموسيقار الكبير فكم و كم من ألحانه الخالدة مكتوبة على مقام البيات!!!!, و الأمثلة كثيرة مثل نورا ، الحياة حلوة ، شهر العسل (بياتي شوري) ، إيدي بإيدك , أديش عودك يا مليحة ، تقاسيم الربيع و غيرهم كثير. لذلك وحسب المخطط المرفق أتوقع أن موسيقارنا عندما كان يريد أن يؤلف لحنا ما أول مقام كان يفكر فيه هو مقام البيات ثمّ أخيه مقام الكرد الذي يفرق عنه بمقدار ربع درجة فقط أو كما يحب الأخوة في مصر ثلاث أرباع الدرجة ثمّ مقام النهاوند ثم بقية المقامات.


هل هي مسألة نفسية؟ أعني هل تفضيله لمقام البيات يتعلق بنفسيته؟؟. ربما، فالموسيقار كانت حياته مزيجا محيرا من الفرح و الألم، فتراه في الجلسات الخاصة ملك الضحك و النهفات و المرح حتى تظن أنه لا يحزن أبدا.


و تراه في أغانيه و حواراته و تصريحاته ملك الحزن و الأسى حتى تظن أنه لا يفرح أبدا.


و مقام البيات مقام يختلط فيه الحزن بالفرح و هذا يتناسب جدا مع نفسية الموسيقار بل و يتناسب مع أغاني الأعراس حيث يكون فيها الفرح و الحزن متلازمين فرح اللقاء و حزن الوداع فتجد مثلا أم العروسة راقصة فرحا بزفاف ابنتها و قلبها يعتصر ألما على خروج ابنتها و إلى الأبد ربما، من بيت أبيها . و ما أشبه نفسية الموسيقار بأجواء الأعراس و الزفّات حيث الفرح و الحزن معا في مكان واحد و ما أقرب هذه النفسية إلى أجواء مقام البيات. و لذلك نجد اجمل أغاني الزفة المشهورة كتبت على مقام البيات مثل مبروك عليكي و اتمختري يا حلوة يا زينة للسبب عينه . فليس الأمر مصادفة إنما هي حرفنة و معلمية اختيار هذا المقام في أغاني الزفة و الأعراس و ليس موسيقارنا بأقل حرفنة و معلمية من الكبار الآخرين اللذين أبدعوا أغاني الزفة . و معظم الألحان الخالدة منشؤها انسجام الروح مع المادة.






التحليل



تبدأ الأغنية بإيقاع الزفة بدون موسيقا تصاحبه الزغاريد خلال مقياسين و بهذا يدخلنا الموسيقار أجواء الأعراس ، ثم تبدأ في المقياس الثالث موسيقا الأغنية بدون زغاريد بعد بدء المقياس بزمن ذات السن كي ينتظم الإيقاع مع اللحن ( على فكرة يوجد الكثير من ألحان الموسيقار التي تكون فيها بداية اللحن ليست في بداية المقياس مثل تانجو بحب من غير أمل ، تانجو نويت أداري ألامي ، ختم الصبر "نوخت" و الربيع "فالس" و غيرهم , و إنما يبدأ اللحن بعد بداية المقياس مثل دقوا المزاهر أو قبل نهايتة مثل الربيع) و كأنه يصور لنا حديث الذات للذات لكل فرد من الحاضرين و لكل رأيه الشخصي حول هذا العرس .


ثم يتناوب الكورس و الموسيقار أداء الكوبليه دقوا المزاهر يا اهل البيت تعالوا, جمّع و وفق و صدقوا اللي قالوا ( مع الملاحظة هنا أنه في دور الموسيقار تم استبدال الدم الأولى في الإيقاع بالإس و كأن الموسيقار يصور لنا العروسين عندما يحضران إلى العرس وسط إعجاب و إطراء الحاضرين فالسكتة هنا تعبيرا عن المهابة و الإجلال التي يحظى بها العروسان) و كأن الموسيقار يريد أن يقول من خلال تكرار الكوبليه ثلاث مرات:


سيتكرر هذا كثيرا ستدق المزاهر كثيرا و سيجمتع شمل كثير من النساء و الرجال و سيجتمع كل مرة الأهل و الأصحاب هذه هي سنة الحياة.


ثم تستبدل الدم مرة أخرى إس و يؤدي الموسيقار عين الحسود فيها عود يا حلاوة و تجاوبه الكمان بصوت حاد ساخر ( و كانه يقول للحساد طقوا و موتوا على لهجة أهل الشام و يا عوازل فلفلوا على لهجة أهل مصر) ثم يغني عريس قمر و عروسته نقاوة . و يردد عين الحسود فيها عود يا حلاوة و لا يكرر صوت الكمان الساخر لأن النهفة جمالها أن تكون مرة واحدة.


ثم يغني المقطع المجزوء و هو و احنا الليلة دي كدنا الأعادي و الذي تناسبه الإيقاعات المجزوءة مثل إيقاع الملفوف و الأيوبي و غيرهما و اختار فريد الأطرش إيقاع الملفوف لأنه إيقاع رشيق و أكثر رواجا في الأعراس.


ثم يرجع إلى الإيقاع الأساسي "الزفة" و يؤدي وآدي العريس اسم الله على حسنه و جماله.


ثم يردد الكورس الكوبليه مرتين و في المرة الثانية نسمع الزغاريد و لكن هنا تأتي الزغاريد أقل حدة .


ثم تستبدل الدم بالإس و يغني الموسيقار إيدوا الشموع و اتهنوا الليلة عقبالهم كل حبايب العيلة مرتين، و نلاحظ هنا غياب صوت الكمان الساخر لأنه أدى دوره و انتهى في المقطع الأول و بذلك يبدو المقصود واضح و هو كيد العزال و الحساد و ليست المسألة مسألة هارموني فحسب. و يرجع للملفوف ليغني المقطع المجزوء تبقى السعادة سكر الزيادة مرتين و هنا للإيقاع المجزوء دلالة و هي أن السعادة لا تدوم طويلا و تذهب بسرعة.


ثم يعود للإيقاع الأساسي "الزفة" و يغني المقطع قولوا معايا ان شا الله يا ربي يخليها له ( يخلي له من؟. السعادة أم العروس؟؟. و يبقى المعنى بقلب الشاعر و لو أن السياق يفهم منه أن يخلي له السعادة).


و يردد الكورس الكوبليه مرتين برتم أسرع تصحبه الزغاريد ثم يختم الموسيقار الأغنية بالكوبليه برتم متباطئ و بدون زغاريد و تبدو رنّة صوته ملؤها الحزن مؤكدا بتكرار الكوبليه ما قصده في بداية الأغنية و هو "و تستمر الأعراس" و لكنه في البداية جعل دوره الثاني أما هنا فقد ختم بنفسه و برنة حزينة و كأنه يقول أين أنا من كل هذا؟ تستمر الأعراس و لا عرس لي. و لكن هل عوّض فريد العرس الذي لم ينله بعرس أبدي من خلال هذه الأغنية؟. نعم. كيف؟. لاحظنا من خلال الأغنية أنه كلما بدأ فريد بغناء مقطعتستبدل الدم بالإس و قلنا السكوت كناية عن الجلال و الاحترام الذي يحظى بهما العروسان في عرسهما و بتفكير بسيط نستنتج أن الموسيقار الكبير قد جعل من نفسه العريس الأوحد في هذه الأغنية , ففي كل ظهور له يستقبل بالجلال و الاحترام الذي يحظى بهما العرسان . هل حقا فعلها فريد؟. لا أستبعد ذلك و هو أبو الفرائد. و بصدفة غريبة يصل صوت إحدى المطربات إلى مسامعي و هي تردد هذه الأغنية خلال كتابتي هذه السطور فدققت السمع فإذا الدم لم تستبدل و إذا الكمان لم يسخر.


فيما يخص المخطط الإحصائي:


قمت بعمل إحصائية لـ 150 لحن من ألحان الموسيقار فريد الأطرش انتقيتها عشوائيا ، و في علم الإحصاء عينة حجمها فوق 30 و تشدد بعضهم فقال فوق الـ 50 تعتبر عينة ممتازة و نتائجها لها معنوية كبيرة فكيف بـ عينة حجمها 150 .


وزعت هذه الألحان بحسب المقامات الموسيقية المؤلفة عليها. و دمجت بعض المقامات الفرعية ضمن المقامات الأصلية مثل الهزام و البياتي شوري و البياتي حسيني و أما الماهور ففي هذه العينة لحنان فقط مؤلفان عليه هما بحب من غير أمل و أنساك و افتكرك تاني فتركته ، و أما السوزناك لم أدمجه مع مقام الرصد لأنني أحبه جدا و هل يوجد أجمل من غنا العرب ( ربما يقول قائل شو يا بو برهان عملت الشغلة مزاجية و من المفروض أن تكون الدراسة علمية. فأقول له يعني معك بعض الحق و لكن هذا لا يؤثر. و لو دمجت مقام السوزناك مع مقام الرصد فستكون النتيجة نفسها مقام البيات و الكرد و النهاوند في المقدمة و لن يزيد رصيد مقام الرصد شيئأ يذكر).


فلا يفهم من المخطط أن الموسيقار فريد الأطرش لم يستخدم سوى المقامات الموجودة في المخطط فهذا يعد من الظلم . لأنه عندما لا يستخدم المقامات في المطالع يستخدمها في النقلات و التحويلات مثل يا بو الأحباب يا غايب على (مقام شوق أفزا) بينما مطلع الأغنية على الله تعود (مقام رصد).


اعتمدت في التصنيف على سمعي و عودي. فكل عناصر العينة سمعتها بأذني لذلك لم أدخل الألحان التي أتى بها أخونا القباج التي لم تسجل على اسطوانات و لم تدون ، لأنني لم أسمعها أو أقرؤها.


لم أدخل الألحان المكررة إلا مرة واحدة مثل حبيب حياتنا كلنا و يا أرضنا يا أمنا اكتفيت بـ يا أرضنا يا أمنا (هزام).


لم أكتف بألحانه لنفسه بل للآخرين أيضا و هذا يشمل الأغاني و المقطوعان الموسيقية.


و كما يبدو من المخطط أن مقام البيات له حصة الأسد من ألحان الموسيقار يليه مقام الكرد فمقام النهاوند.



نقطة أخيرة:


نعلم أن الشيخ سيد درويش هو أوّل من أبدع اختلاط الحزن بالفرح في أغاني الأعراس. و السؤال الذي أود أن أسأل عنه جهابذة المنتدى أمثال أبو الياس و القباج و الريحاني و غيرهم هل كانت دقوا المزاهرقبل أم مبروك عليكي و اتمختري يا حلوة إن كانت هي قبل أعني دقوا المزاهر فمعنى ذلك أن فريد صاحب مدرسة بياتية (إن صح التعبير) أغاني الأعراس . أعتقد أنه صاحب هذه المدرسة!!.


ملاحظة:


أرفقت موسيقا دقوا المزاهر التي عزفت حسب تدويني الموسيقي لها .


أبو برهان
الصور المرفقة
نوع الملف: gif stat9.gif‏ (10.2 كيلوبايت, المشاهدات 530)
الملفات المرفقة
نوع الملف: mp3 Deqqo El Mazaher.mp3‏ (1.24 ميجابايت, المشاهدات 81)
رد مع اقتباس