عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 10/04/2008, 17h02
الصورة الرمزية غواص النغم
غواص النغم غواص النغم غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:88159
 
تاريخ التسجيل: octobre 2007
الجنسية: عوام"ليبي"
الإقامة: أويــــــ عروس البحر tripoli ـــــــا
المشاركات: 2,138
Lightbulb

كتب عبد الوهاب وتحت هذا العنوان:

القصبجي
كان ثائرا أكثر منه جميلا
*كان
القصبجي مفكراً أكثر منه طروباً..وكان ثائراً اكثر منه جميلاً..
وقبل هذا كله كان رائداً
..

وأول ثورته كانت على السلاح الذي يقبض عليه بيده..وهو عوده..
فقد ابتدع القصبجي اسلوباً جديداً على العود في ايامه .. كان يسمع كثيراً للموسيقى التركية واليونانية والأرمينية والأوروبية ويحفظ بعضها ويعزفها على عوده فتولد عنده مزيج غريب يجمع كل هذه ألأساليب مع اسلوبه التركي الاصلي فبهر المستمعين بعزفه.. ولأول مرة كان يسمع العود من القصبجي كالمطرب تماما وقد زحف بيده الشمال الي اليد التي تعفق الأوتار وصعد بها على الوتر ،في الوقت الذي كان عازف العود يضع يده الشمال على رقبة جامدة لاتتحرك فيها الاصابع على الاوتار ،أما اليد ذاتها فإنها كانت كالحجر لاتتحرك.
وأحياناً يضرب على مقام ومقام اخر معا كالثالث أو الرابع حسب امكانية اصابعه ..الأمر الذي كان لايعرف في ذلك الوقت ..فقد كانت اليدالشمال في ذلك الوقت جامدة لاتتحرك ومتشنجة على رقبة العود بدرجة أن العواد عندما كان يعزف على الأوتار العليا ثم يعفق باصابعه الي أن يصل الي جواب الحركة ويريد ان يصعد الي جواب ((النوا)) كان لايكلف خاطره بتحريك يده الي أعلى ليضرب جواب النوا ..ولكن يستلفه من النوا المنخفض الموجود أصلا في العود.
*****
جاء القصبجي وغير من كل هذا وخلق اسلوبا وروحا جديدة في العزف على العود ، وكان بحكم سماعه للألحان الاجنبية قد وجد تركيبات من جمل مختلفة وصنع توليفة حفظها وكأنها الحان ملحنة يعزفها مع التقاسيم التي كان يقسمها في الحفلات...
وقد اثرى القصبجي العود بأوتر جديدة وأصلح منها بطريقة تعطيه مقامات اضافية عن المقامات التقليدية ، وعلى سبيل المثال كان القصبجي أول من أصلح ((البكاه)) بعد أن كان قررا للنوا ((كصوت)) خفضه الي قرار ((الجهامكان ))..واحيانا الي قرار ((البوسلك)) وكسب بذلك مقامين جديدين تماما ..ثم اضاف وترا منخفضا بعد ((البكاه)) وهذا لم يكن موجودا ايضا ..وهذا الوتر ربطه كقرار ((للدوكاه))..كل هذا كان إثراء للعود مادياً.

ثم كان القصبجي ثائرا في الحانه ،فبحكم سماعه كماذكرت لموسيقات غير مصرية تولدت في راسه تركيبات رياضية موسيقية كان إستعمالها في ذلك الوقت جديداً بالرغم من انها كانت بلا روح..او عاطفة ولكنها ثورة على كل حال..
والفرق بين القصبجي والسنباطي هو أن القصبجي كان مفكرا اكثر منه طروبا..وثائرا اكثر منه جميلا ..والسنباطي طروبا اكثر منه مفكرا وجميلا اكثر منه ثائرا..

والقصبجي كان يثور على البناء الذي فوق القواعد فقط ، واما القواعد والأصول والقوانين فقد كان ملتزما بها ويخاف منها ، وكثيرا مانراه عندما يجد شطرة شعرية أقل زمنا من الوقت المطلوب للحنه يضيف كلمة ((أه))قبل الشطرة لا لشيء الاّ لتكملة الوقت الزمني بدون ان يكون لها مبرر او ضرورة لنطقها


وربما كان إلتزامه انه كان مدرسا للغة العربية في مدرسة عبدالعزيز الابتدائية فهو يحترم القواعد والاصول بحكم الانغماس فيها .. وربما كان مستعداً الي ان يثور على الشكل وعلى القواعد لو كان عمل مع أحد غير أم كلثوم ..فأم كلثوم لاتحب الإغراب ولا الشذوذ..ولاغير المألوف.. والقصبجي كان محتاجاً لأم كلثوم فهي الواجهة الفخمة التي كان يعرض فيها أعماله..فلا يمكن له الا ان يرضيها وحتى ((اللزم))التي تتخلل الجمل اللحنية تخضع لانتقائها..
ورب سائل.. إذا كان القصبجي ثائراً.. فلماذا لم تظهر ثورته هذه عند غيره من المطربين والمطربات ؟؟..وأقول لأنه لايمكن لثورة موسيقية ان تصل الي الجمهور الاعن طريق شخصية كبيرة ولا يمكن للصغار ان يحملوا شيئا غريبا للناس ..

وقد جاءني القصبجي مرة وهو يضرب كفا على كف بل لطم أمامي وقال:

تصور أم كلثوم بتقول على ((اللازمة)) التي أنت ملحنها في قصيدة عندما ياتي المساء والتي تجيء بعد كلمة ((وجهت عيني نحو لماح المحيا )) ..انها نشاز ..

ويقول ياخبر اسود.
كان القصبجي يحبني ويحب ثورتي الموسيقية ويريد ان يحذوها ولكن لم تتح أمامه الفرصة.

ولما عمت موجة التطور وتراخت أم كلثوم قليلاً ..لحن لها ((رق الحبيب)) ويبدو فيها شيء جديد على ام كلثوم من حيث سرعة انطلاق الكلمات ..وتغير الايقاعات وتعددها..
وعلى كل حال القصبجي ثار على عوده في عزفه أكثر مما ثار في ألحانه الغنائية ،وربما يرجع هذا الي أنه لم يكن لديه صوت..أي أنه لم يكن قادرا على الغناء ..وكان يغني مثل الشيوخ وغناؤه غير واضح ، لذلك لم يفعل شيئاً باهراً في الحانه الغنائية ..لأن هذا يحتاج الي (( اقناع صوتي))وهو الشيء الذي افتقده القصبجي.
وغالباً فإن الملحن الذي يملك صوتا جميلاً يلحن بصوته ويقنع المستمع به..خاصة إذا كان يحمل بجانب الصوت الفكر والثورة الموسيقية ..فيصبح شيئاً فذّاً قادراً على إقناع المستمع بفكره الجديد المغلف بالجمال ..جمال الاداء

أم كلثوم ..
وزعامة الصوت
من اهم مزاياام كلثوم.. زعامة الصوت..فالصوت كالمظهر الشكلي للإنسان..
أحيانا يدخل عليك شخص فتجد في قوامه وارتفاع هامته وسمات وجهه ما يأخذك ويجعلك تحترمه وتجله..وصوت ام كلثوم يتمتع بهذه الصفات.
ومن مزاياها أيضا تقديسها لفنها ..والمحافظة عليه،فهي بذكائها تشعر بأنه لا يمكن المحافظة على فنها الا بلاستقامة في حياتها الخاصة فهي تنام مبكراً ولا تقابل اي شخص الا اذا كان هناك عمل..ولا تهتم بالزيارات الخاصة الا بما يحتم عليها الواجب.
وبالرغم من اشتهائها لبعض مايتمتع به الانسان العادي الا ان ارادتها كانت اكبر من كل مظاهر الاشتهاء
.
********
ولقد كان غياب ام كلثوم سببا في هبوط مستوى الالحان خصوصا بين الناشئين من الملحنين وملحني الدرجة الدرجة الثانية ،لأن ام كلثوم كانت املا لهؤلاء جميعاكانت هدفا يريدون الوصول اليه..فأم كلثوم غنت للسنباطي وهو ناشيء وغنت لبليغ وهو ناشيء..وغنت لسيد مكاوي،وهذا كل امله.
كل هؤلاء وغيرهم وكانوا لا يطمعون في شيء اكثر من عرض اعمالهم في ((المع ))فاترينة واكثرها انتشارا على العالم وهي ام كلثوم..وحتى غيرهم من الملحنين كانوا يتنافسون الي الأجود لأن التي تغني لهم أم كلثوم ..الصوت الذي ينتظره مائة مليون شخص...
وبعد جنازة ام كلثوم وفريد الاطرش وعبدالحليم حافظ ..ادركت ان الجماهير كفرت بالزعامة السياسية واتجهت للزعامة الفنية في مصر

إنتهى الموضوع ..ولم تنتهي الأوراق
مصطفى امين
الصرح الشامخ


الفرق بين مصطفى امين وعلي امين ان مصطفى يعمل من الحبة قبة ..
وان علي يعمل من القبة حبة.

ولم ار إنساناً مثل مصطفى أمين يحب العمل بجنون..ويتحمس له بجنون ..وينسى كل شيء ماعدا ذلك..ومصطفى امين الذي شيد هذا الصرح الشامخ ((اخبار اليوم ))وهو سيدهذا الصرح..وامبراطوره،لو فرض عليه ان يعمل فراشا في اخبار اليوم لعمل بنفس الحماس الذي يعمل به كرئيس للتحرير..او كرئيس لهذا الصرح الشامخ.


وقد قال لي مصطفى امين عندما كان يمشي في جنازة اخيه علي المرحوم علي امين انه كان حزينا وسعيدا ..قلت له كيف ؟قال كنت حزينا لأنني اودع اخي الوداع الأخير ..نحن اللذان لم نفترق في حياتنا الا مضطرين ، وكنت سعيدا لأنني رأيت بعيني كيف سيشيع الناس جنازتي.

إنتهى الموضوع ولم تنتهي الأوراق

التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 07/05/2009 الساعة 16h15
رد مع اقتباس