عرض مشاركة واحدة
  #106  
قديم 27/02/2011, 16h21
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات

الچرغچي
صفيرهُ في الليل يطمئن القلوب



یرجع تاریخ تآسیس قوة الحراس اللیلیین في العراق وهم المستخدمون في اعمال الحراسة في الشوارع و الطرق والاسواق والمحلات داخل حدود بلدیات المدن والقصبات الى عهد الاحتلال البریطاني والتي استحدثت مع تشکيلات الشرطة في بدایاتها وقد تم تسمیتهم في قانون اصول المحاکمات الجزائية الصادر في سنة 1918 بالخفراء العموميين

وفي عام 1924 صدر قانون ضريبة الحراس اللیلیین المرقوم 225 والتي تنص على تخویل امانة العاصمة ومجالس البلدیات بوضع احکام فیما یتعلق بوظائف الحراس اللیلیین ورواتبهم ، یذکر إن هناك عدة اسماء للحارس اللیلي منها الچرغچي والاقمشمچية والصبحچية ( حسب الوقت ) والبصونچي ( باسوانچي ) کلمة ترکية وتعني الحارس اللیلي وکذلك النوبچي ....
یذکر العمید المتقاعد عبد الکریم عناد بأنه کان له خال اسمه عباس صالح قد بلغ الثمانین من العمر وکان في الثلاثینات من القرن الماضي حارسآ لیلیآ ؛ ذکر بعض مما مر بحیاته وتجربته قائلآ :
عندما دخلت بغداد لاول مرة قادمآ من الحي وعلى وجه التقریب في عام 1946 وقد استهوتني الحراسة الليلية في حینها کمکسب اضافي لما أعمله نهارآ رغم ماتتطلبه من مشقة وسهر ، فقدمت عریضة الى مدير الحراس في حينها ( ابو زکي ) أطلب فیها تعییني کحارس ليلي وکانت الموافقة في حینها تتطلب الشروط التالية :
اولاً :سلامتي من الامراض والعاهات.
ثانياً: حسن السلوك والسمعة.
ثالثاً: حیازتي على الجنسية العراقية بالولادة او بالتجنس بها بعد مرور خمس سنوات.
رابعاً:عدم خضوعي لخدمة العلم ( الجندية ) .
خامساً: أن یکون على درایة وکفاية باستخدام السلاح الناري ..
وتمت الموافقة لتوفر الشروط اعلاه وارتبطت بمرکز الشرطة ( قوللغ ) ابو سیفین وتم تعییني في محلة کنکیجة وهي المحلة التي تلي الشورجة حاليا وبإستقامة سوق الشورجة بعد شارع الجمهورية وحتئ شارع غازي ( الکفاح حالياً ) ، وکانت حدود منطقة حراستي ابتداءا من نهایة سوق الشورجة مروراً بالعگد الذي يمر بمنطقة کنکيجة الى ابو سيفين وحتى علوة شيخ عمر قديمآ ..
وکان الأجر الیومي للحارس في حينها 45 فلسآ أي براتب لايتجاوز الدينار والثلثمائة فلسآ والذي نستلمه من ابو زکي وکان له غرفة في القشلة السراي وکان يوزع الرواتب على حراس القسم الثالث کل رأس شهر .. تسلمت من عريف الشرطة شارة الشرطة
( النجمة الخماسية ) وضعتها على العگال والاخرين وضعوها على الصدر واستلمت صافرة وقطعة نحاسية دائرية برقم 79 وهو رقمي وتفگة ( بندقية ) من النوع القديم ذات الزناد الشلخ ( الترباس ) ومن البنادق الترکیة القديمة او الانگليزية مع خمسة اطلاقات ( فشگات ) . واخبروني بإن الچرغچي المناوب لي هو موسى الساعدي ؛ حيث سأستلم منه واجب الحراسة بعد الساعة الثانية عشر ليلاً .
وفي الساعة السادسة صباحآ إذ کنت ( مصبحچي ) ویستلم هو مني بدوره التفگة والعتاد إذ کنت أقوم بواجب
الحراسة ( أخشمچي ) ؛ وعندما ینتهي دور المصبحچي یتوجب عليه تسليم البندقية والعتاد الى مآمور المشجب بالقوللغ ؛ ويعطي تمام خبر بإن منطقته لیس فیها حادث وعلى هذا الاساس یتبادل الحارسان المناوبان الواجب مرة صباحآ ومرة مساءا ..
أما بخصوص کیفیة إجراء الحراسة في المنطقة ، فتبدأ من الوقت المخصص وذلك بالتجول بالمحلة وهو یلبس الملابس الخاکیة وهو عبارة عن بنطلون خاکي مع سترة ذات ازرار نحاسية مع لابچين ( پسطال ) مع جراز ( .هي عبارة عن عصا خشبیة رفیعة من جانب بها حلقة جلدية لمسکها منها بیده وجانب اغلظ قلیلآ مرصع بمجموعة من المسامير الصفراء العریضة الرأس وعلى الحارس ایضآ ان یشتري کل ذلك على حسابه مع شراء معطفآ شتويآ ایضآ ؛ واثناء تجواله یضع خنجرآ في حزامه مع علبة
جلدیة صغیرة يضع الطلقات النارية ( الفشکات ) فيها وأن یعلق البندقية ( التفگة ) على کتفه ، وأن يضع الصافرة في جیب سترته بقیطان معلق على کتفه الایمن . وعلیه مراقبة المحلات وابواب المحلة وأن ینبه اصحابها في حالة بقائها مفتوحة ليلآ..
وکذلك ینبه على الدکاکین غير المقفولة وأن يقوم بين الحين والحین الاخر بالرد ( الصفیر ) بصافرته عندما یسمع الدورية التي تخصص من افراد الشرطة لمراقبة الحراس والمؤلفة من عریف الشرطة والتأکد من انجاز واجباتهم أو الرد بصافرته على صافرة مفتش الحراس المدعو ( شلال ) مع حارسین لیلیین لیقوموا بواجب التفتيش اللیلي ... وهناك وصایا بالقولغ وهي عدم أخذ السلاح للبیت وترك السلاح بالمشجب ..

الله لايراويکم بعد مضي اسبوع من استلامي الحراسة بعدني ماگلت يافتاح یارزاق من استلامي واجب الحراسة بمحلة کنکيچة أنذرني الحارس موسى الساعدي بإن منطقة کنکيچة التي يسکنها اغلبية اليهود هي منطقة مسکونة وإن فيها (طنطل) ويتوجب عليّ الحذر منه.

وفعلآ بعد يوم أو يومين کانت المنطقة مظلمة تمامآ لانقطاع النور فيها وعند مروري ببیت مهجور في الساعة
الواحدة والربع ليلآ سمعت صيحة عالية مرتبکة ( تمام ) وهذه الکلمة يقولها المفتش عادةً للدورية التي تلتقي بالحارس ويکون الجواب تمام ، فأجبته بصوت عال ( تمام ) فما کان الا ان زيکني بزيک قوي !(لك هذا شون هتلي) ، هنا تبادر لي إن ذلك صادر من الطنطل ، لذا استحضرت في ذهني مايتوجب عمله من رباطة جأش وإشعال نور فقمت رأسآ بإخراج الخنجر مهددآ إیاه ثم قلت له بلهجة قوية :
عرفتك أنت الممصوخ وعندي ملح راح اطشه عليك ، وك لوسبع اطلع لي وهاي التمنيته اشوفك ولك .. ثم بدأت بإشعال عيدان الکبریت لاضاءة المنطقة ومعرفة مایدور حولي وتجنبآ لما کان معروفآ في ذلك بإن الطنطل یباغت خصمه ویرکب على اکتافه يطارد علیه حتى ينهکه تعبآ ثم یترکه .. ومن ثم لم اسمع شیئآ فقلت له : ها ولك جبنت ؟ لعد انت مو گدها ..
وبعد مرور عشر دقائق تقریبآ ترکت المنطقة تقریبآ بإتجاه ابو سیفین وبعد حین التقیت الچرغچي موسى الساعدي الذي فاجئني بقوله معاتبآ :
ها عباس صار لي مدة أدگلك صافرة وماکو جواب شنو قصتك ؟
وفکرت قليلآ في الاجابة فأردفني بالاجابة ولم ينتظر :
أبو خضير أخاف طلعلك ابو مرة ( وکان الطنطل يکنئ بأبي
مرة ) والتهيت وياه ؟ .
فأجبته : هذا الصار وهذا الجره ( ماحدث ) ..
ويؤکد بعد کل تلك السنين إن حکاية الطنطل صحيحة لإنها حدثت مع کثيرين وخاصة في البیت المهجور بمحلة کنکچية ..

ویروي إنه سطى أحد الحرامية في بغداد على احد البیوت في محلة من محلات بغداد وفي لیلة من لیالي الصیف التي ينام فيها الناس فی السطوح ، واستيقظ أهل البیت على صوت وحرکة داخل البیت بالصياح مستنجدين بالجیران
حرامي .. حرامي .. حرامي .. وهنا استيقظ الجيران وأطلوا من سطوحهم على الطريق لیشاهدوا الحرامي وهو یرکض مذعورآ ، فبدأت النساء والاطفال بالصراخ والعیاط والولولة .. یبو .. یبو .. یبو حرامي نزول نزلك
وفي هذه الاثناء تناول احد الجیران تنگة من على التيغة وقذف
بها على الحرامي وعندما أخطأته أحثت صوتآ عاليآ بإرتطامها بالارض کصوت المفرقعات ، فما کان من الحرامي إلا ان یلتفت صوب الشخص الذي رماه بالتنگة وجابه ( بزيك قوي ) فعندما سمع أهل الدربونة ذلك ؛ تحول صیاحهم وعیاطهم الى ضحك في وسط الليل ، الامر الذي جلب انتباه الچرغچي من بعيد ليلقي القبض على الحرامي وهو يضربه ضربآ موجعآ بالجراز ويقوده الى القوللغ ویشفي غلیل الناس الذين فزوا مخروعين من نومهم
تلك اللیلة ....

كيف أثبتت سليمة هويتها للچرغچي؟
يروى (الباسوانچي) أو الچرغچي أو الحارس الليلي عباس صالح الذي كان يتولى الحراسة ليلاً في محلة کنکچية حيث يقع قصر سليمة باشا الطرفة التالية (كانت نوبتي في الحراسة في احدى الليالي تبدأ بعد منتصف الليل ويقع قصر سليمة ضمن حراستي وكان هناك يهودي كبير السن يدعى أبو نسيم يخرج مبكراً من الكنيس اليهودي في تلك المحلة ويمر ببيوت اليهود ويناديهم باسمائهم واحداً واحداً (شاؤول، خضوري، أنور، أبو منشي، لاوي اقعد) ويستدير إلى الجانب الآخر من (العگد) لينادي أسماء أخرى (حسقيل، أبو الياهو، شوميل، ساسون، موشي، زعرور، اقعد صلاة الصبح مليحة ومليح من يصلي الصبح).
وكنت أعرفه جيداً إلا اني استغربت تلك الليلة خروج امرأة من قصر سليمة في هذا الوقت المتأخر لتمشي خلف (أبو نسيم) وقد ارتبكت عندما رأتني فاسرعت بخطواتها عندها أثارت شكوكي وزادتني شكاً فخامة ملبسها، فلاحقتها ثم اطلقت صفرة قوية من صافرتي وطلبت منها ان تقف.
لحظتها فر أبو نسيم وتوقفت المرأة مرعوبة وحين دنوت منها اخبرتني أنها سليمة مراد المطربة، ولم أكن قد رأيتها من قبل لكني سمعت في الراديو صوتها مراراً فطالبتها باظهار دفتر الجنسية وسألتها إلى أين تمضين في مثل هذه الساعة؟
فقالت أنها لا تحمل دفتر جنسيتها وانها ذاهبة لوداع قريبة لها تحتضر وانه يمكنني مرافقتها إلى دار تلك القريبة والتأكد من صحة كلامها فقلت لها انني لا أستطيع مغادرة منطقتي المسؤول عنها، عندها التفتت إلي وقالت اسمعني اذن واندفعت تغني (يا صياد السمك صيدلي بنية) فتذكرت صوتها في الاذاعة واعتذرت منها.


ثم اردف قائلاً کان وقتاً طیباً قضیناه وعشناه مع خیرة إخواننا الحراس اللیلیین ( الچرغچية ) وأذکر منهم سلمان حسین بگال الذي کانت منطقة حراسته في السنك وجاسم الخباز ( خباز
بالنهار من أهل الفضل ) وجودي الشمري اللذان یحرسان
شارع الرشید لیلاً.
وأخيراً
(ياعمي الچرغچي ياريت حراميتنة مثل حراميتكم گبل جان هسه احنه بخير)

منقول بتصرف
تحياتي
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg tyrtrt.jpg‏ (67.1 كيلوبايت, المشاهدات 166)
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس