عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 16/01/2007, 20h05
MOHAMED ALY MOHAMED ALY غير متصل  
قـناديلى ـ رحمة الله عليه
رقم العضوية:700
 
تاريخ التسجيل: mars 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 69
المشاركات: 839
افتراضي 5 -- ابو فراس الحمدانى

5 - أبو فراس الحمداني

تعود علاقة سيدة القصيدة العربية كوكب الشرق أم كلثوم بالشاعر أبو فراس الحمداني إلى أوائل مشوارها الفني الذي بدأته جدياً منذ عام 1926 على الرغم من أنها كانت خلال هذه الفترة، مازالت تحبو داخل شارع الفن الراقي، نظراً لإمكانياتها الضعيفة لحناً وجمهوراً.
ويرجع الفضل الأول في اتقان أم كلثوم لغناء هذه القصيدة الصعبة ولغيرها من القصائد إلى الملحن الكبير الشيخ أبو العلا محمد.. الذي كان قد تغنى هو الآخر بتلك القصيدة من قبل أن تغنيها أم كلثوم.. رغم أنها ليست من ألحانه، بل لحنها له الفنان الموسيقار عبده الحامولي.
وبطبيعة الحال، لولا إتقان أم كلثوم تلك الفتاة الريفية التي كانت قد قدمت لقومها من قريتها بمحافظة الدقهلية، لفن غناء القصائد، لما سمح لها أصحاب شركات الفوتوغراف بتسجيل هذه القصيدة المشهورة بصوتها في هذه المرحلة المكبره من حياتها الفنية.
ولقد أشارت كتب تاريخ الأغنية أن كوكب الشرق أم كلثوم قد غنت قصيدة أبو فراس الحمداني.. أراك عصى الدمع لأول مرة في عام 1926وهي من تلحين كما ذكرنا عبده الحامولي.. كما سجلتها في نفس التوقيت على اسطوانة تابعة لشركة أوديون للفوتوغراف.
ونظراً للنجاح الذي لاقته أم كلثوم في غنائها لهذه القصيدة، ولتأكيد دورها كذلك في مجال الدعوة لتبني شعر الفصحى الراقي، فقد حرصت على أن تغني قصيدة "أراك عصى الدمع" مرة ثانية في عام 1944بتلحين جديد وضعه الشيخ زكريا أحمد.. إلا أنها لم تسجلها هذه المرة على اسطوانات.
وفي يوم الخميس الموافق 3ديسمبر من عام , 1964.أعادت كوكب الشرق أم كلثوم غناء هذه القصيدة للمرة الثالثة وبتلحين جديد أيضاً.. للموسيقار رياض السنباطي، بعد أن أضافت إلى أبيات أخرى.
وفي كتاب "النصوص الكاملة لأعمال أم كلثوم"، والذي وضعته اللجنة الموسيقية العليا من بعد رحيلها، تصورت قصيدة "أراك عصى الدمع" لأبي فراس الحمداني هذا الكتاب مع إشارة لتوقيت غناء تلك القصيدة في المرات الثلاثة السابقة الإشارة إليهم، وكذلك بيان عدد الأبيات التي غنتها أم كلثوم من هذه القصيدة.. أولاً في عام 1926، وقد بلغ العدد ستة أبيات فقط هي:
آراك عصى الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى فهي عليك ولا آمر
نعم أنا مشتاق وعندي لوعة
ولكن مثلي لا يذاع له سر
إذ الليل أضواني بسطت يد الهوى
وأذللت دمعاً من خلائفه الكبر
تكاد تضئ النار بين جوانحي
إذا هي أذكتها الصبابة والفكر
معللتي بالوصل والموت دونه
إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر
وقالت لقد أذرى بك الدهر بعدنا
فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر

أما في عام 1964، أي بعد مرور أكثر من خمسة وثلاثين عاماً. زادت أم كلثوم على هذه الأبيات الستة ثلاثة أبيات أخر، وقد أضافتهم بعد البيت الخامس وفق الترتيب العام للقصيدة.. وهذه الأبيات الثلاثة هي:
وفيت وفي بعض الوفاء مذلة
لفاتنة في الحي شيمتها الغدر
تسائلني من أنت وهي عليمة
وهل لشاب مثلي على حال نكر
فقلت كما شاء وشاء لها الهوى
قتيلك... قالت أيهم فهم كثر
وحين رجعنا إلى ديوان أبو فراس الحمداني والذي تضمن هذه القصيدة. وجدنا أن هناك بعض الملاحظات المتعلقة بالأغنية، وتعد رأينا من الضروري التنويه عنها.. ما دمنا نتحدث عن كل من أم كلثوم وأبو فراس. وكانت أولى تلك الملاحظات تتعلق بعنوان القصيدة.. إذ حذفت أم كلثوم الشطر الثاني من عنوانها الرئيسي وهو "شيمك الصبر" مكتفية بالشطر الأول من العنوان وهو: "أراك عصى الدمع"، وربما يكون ذلك راجعاً في الأساس للسهولة التي كانت تنشدها كوكب الشرق عندما يعاد إذاعة هذه القصيدة بعد أن تشدو بها. أو قد يكون ذلك قد تم بدون علمها.. إما من جانب الملحن أو المذيع الذي تولى تقديمها حين كانت تغنيها.
وثاني هذه الملاحظات يتعلق بأبيات القصيدة نفسها.. إذ تبين لنا أن أم كلثوم لم تغن فقط سوى ستة أبيات من مجموع الأبيات البالغ 54بيتاً.
ليس هذا فقط.. بل أن من بين هذه الأبيات الستة خمسة أبيات جاءوا مرتبين وفق الترتيب الذي ارتضاه أبو فراس حين دون هذه القصيدة. أما البيت السادس من الأبيات التي غنتها أم كلثوم فكان موقعه الثامن عشر. وقد استبدلت في كوكب الشرق حرف الواو بحرف الفاء.
وحتى عندما أرادت أم كلثوم في عام 1964أن تعيد التغني بهذه القصيدة وبإضافة ثلاثة أبيات جديدة كما سبق وأوضحنا.. جاء ترتيب تلك الأبيات مخالفاً للترتيب العام الذي ارتضاه أبو فراس لقصيدته. حيث جاء ترتيب هذه الأبيات الثالث عشر والخامس عشر والسادس عشر. وبذلك فقد اتضح لنا أن أم كلثوم قد أهملت البيت الرابع عشر الذي تقول كلماته:
وقور، وريعان الصبا يستغزهما
فثار أحياناً أو في الممر.

أما البيت السابع عشر من هذه القصيدة.. فكانت أم كلثوم قد أهملته منذ البداية.. وقد فضلت عليه البيت الثامن عشر.
إذن.. فقد وجدنا الترتيب النهائي للأبيات التي غنتها أم كلثوم من قصيدة "أراك عصي الدمع" من تأليف أبو فراس الحمداني هي الأبيات من الأول حتى الخامس.. ثم من البيت الثالث عشر حتى الثامن عشر مع إهمال البيتين: الرابع عشر والسابع عشر.
و عن ابى فراس ....فقد ذكر النقاد والمؤرخون عن سيرة حياته الشئ الكثير.. وأول ما ذكروه في هذا السياق قولهم.. بأن أبا فراس قد كتب هذه القصيدة أثناء فترة أسره من جانب الروم.. وهذا يعني كما سوف يمر علينا بعد لحظات أن شاعرنا الكبير كانت له علاقة قوية في ميدان السياسة والحروب..
وأبو فراس الحمداني وفق ما أورده هؤلاء المؤرخون هو الحارث بن أبي العلاء السعيد بن حمدون الحمداني. كما أن في هذا النسب ابن عم ناصر الدين وسيف الدولة الحمداني.. وقد عرف في تاريخ الأدب العربي بأبي فراس. وكان من شعراء العصر العباسي الثاني.
ويقول الدكتور أحمد درويش أستاذ الأدب العربي. أن أبا فراس هذا ولد بمدينة الموصل في عام 932م.. الموافق 320ه. وأنه قد عاش بيننا فترة قصيرة لم تصل إلا إلى خمسة وثلاثين عاماً فقط!
وقد رحل عن عالمنا في عام 967م.
ولقد عاصر أبو فراس فترة تاريخية خصبة من فترات تاريخ الدولة العباسية وصراعها على دولة الروم في الشرق. وقد شهدت هذه الفترة الكثير من الحروب خاصة بين ابن عمه سيف الدولة الحمداني أمير حلب ممثلاً للدولة العباسية وبين دولة الروم في آسيا.
وقد شارك أبو فراس في هذه الحروب.. لذلك يرى العديد من النقاد أنه رغم ما اتسم به من شاعرية رقيقة.. فقد كان في الوقت نفسه أحد فرسان الدولة الحمدانية. وقد أسره الروم مرتين - حيث ظل حبيس الأسر الأول قرابة سبع سنوات، ثم إسر مرة ثانية في موقعة مغارة كحل عام 959م.. وفي هذه المرة كان قد أصيب بسهم في فخذه جعله عاجزاً عن الحركة مؤقتاً. مما سهل على الروم أسره مرة أخرى. وقد ظل أسيراً حتى فك أسره قبل وفاته بعامين وكان آنذاك يبلغ من العمر ثلاثين عاماً.
وإلى جانب ذلك.. عاصر أبو فراس مجموعة كبيرة من أشهر شعراء عصره من أرباب الشعر والقلم.. والذين كان على رأسهم المتنبي والبحتري وأبو تمام وآخرون. وقد شهد النقاد لشاعريته حيث فضلوه على المتنبي الذي شهد له هو الآخر بالتقدم والتبريز. حيث لم يكن يتجافى جانبه، فلا ينبري لمباراته، ولا يقدر على مجاراته، وإنما كان يمدحه ويمدح من دونه آل حمدان تهيباً وإجلالاً..
ولقد أكد المؤرخون فيما كتبوه عن أبا فراس.. أنه كان من الشعراء الذين لم يهتموا بتدوين ونشر قصائده. نظراً لانشغاله في الحرب والسياسة. وأن الذي تولى تلك المهمة هو أحد معاصريه ويدعى ابن خلويه.. حيث كان يحتفظ بجزء كبير من هذه القصائد. فأخذ في جمعها وشرحها.
ثم جاء من بعده الثعالبي فتتبع سير هذه القصائد خاصة التي قالها في صراعه مع الروم التي سميت بالروميات.. فجمعها في كتابه المعروف باسم "يتيمة الدهر".. ثم بعد ذلك بدأ المستشرقون يهتمون بأشعاره ويقدمون على نشرها وشرحها.
أما النقاد قالوا.. إن من أهم سمات شعر أبا فراس أن يشمل أغلب قصائده بالغزل والنسيب على النحو الذي كان يلجأ إليه معظم الشعراء المتقدمين في عصره. ثم بعد ذلك يتحدث عن الغرض الذي من أجله نظم هذه القصيدة أو تلك. كالمدح والفخر أو الوصف.

رد مع اقتباس