عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 17/02/2007, 21h37
MOHAMED ALY MOHAMED ALY غير متصل  
قـناديلى ـ رحمة الله عليه
رقم العضوية:700
 
تاريخ التسجيل: mars 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 69
المشاركات: 839
افتراضي 16 -- ابن النبيه المصرى

16- ابن النبيه المصرى

بعد نجاح كوكب الشرق أم كلثوم في تقديم قصيدة "أراك عصي الدمع لأبي فراس الحمداني، واستقبال الجمهور لها استقبالاً طيباً - أقبلت على غناء قصائد أخرى كثيرة، كان من بينها قصيدتان للشاعر المصري الذي عاش في العصر الأيوبي وهو ابن نبيه المصري.
القصيدة الأولى غنتها بعنوان "أفديه إن حفظ الهوى". وهي من ألحان أبو العلا محمد.. وقد سجلتها أم كلثوم على أسطوانة جرامفون عام 1928.وفي نفس العام تقريبا سجلت كوكب الشرق قصيدة ابن النبيه الثانية بعنوان: "أمانا أيها القمر المطل"، من ألحان الشيخ أبو العلا أيضا.
وتقول كلمات الأبيات التي تغنت بها أم كلثوم من أشعار ابن النبيه وعددها ستة أبيات:
أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعا
ملك الفؤاد فما عسى أن اصنعا
من لم يذق ظلم الحبيب كظلمه
حلواً فقد جهل المحبة وادّعا
يا أيها الوجه الجميل تدارك
العبد الجميل فقد عفى وتضعضعا
هل في فؤادك رحمة لمتيم
ضمت جوانحه فؤاداً موجعا
هل من سبيل أبث صبابتي
أو اشتكى بلواي أو أتوجعا
إني لاستحي كما عودتني
بسوى رضاك إليك أن تشفعا

وبالرجوع إلى ديوان ابن النبيه المطبوع أوائل هذا القرن والذي نظمه وجمعه ابن النبيه نفسه اتضح لنا أن هذه الأبيات الستة هي جزء أصيل من قصيدة طويلة، نشرها تحت عنوان "الاشرفيات، نسبة إلى مدائح ابن النبيه للسلطان الأشرف موسى أحد سلاطين الدولة الأيوبية، وكان من سلاطين بني أيوب الذين خدم معهم هذا الشاعر الكبير. و قد شملت القصيدة جزءاً أشاد فيه الشاعر بما قام به السلطان الأشرف في حروبه على عساكر الموصل.. وقد قال يمدحه ويستعطفه بقوله :
أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعا
ملك الفؤاد فما عسى أن أصنع

وهو الجزء الذي اختارت منه أم كلثوم الأبيات الستة المشار إليها آنفاً التي غنتها في عام 1928، وعدد أبيات هذه القصيدة المعنية ثلاثة وعشرون بيتاً.. وقد اختتمها الشاعر بقوله في البيت الثالث والعشرين:
وعلى كلا الحالين إني شاكر
راع لأن ان يسمع من دعا
.
أما القصيدة الثانية من كلمات شاعرنا ابن النبيه المصري، فهي بعنوان "أمانا أيها القمر المطل". وعدد الأبيات التي غنتها أم كلثوم من هذه القصيدة البالغ عدد أبياتها خمسة وعشرين بيتاً.. سبعة أبيات...بزيادة بيت واحد من القصيدة السابقة. وكلماتها
أماناً أيها القمر المطل
فمن جفنيك أسياف تسُل
يزيد جمال وجهك كل يوم
ولي جسد يذوب ويضمحل
وما عرف السقالى طريق جسمي
ولكن دل من أهوى يدك
يميل بطرفه التركي عني
من قتم إن ضيق العين بخل
إذ نشرت ذوائبه عليه
ترى ماء يرف عليه ظل
وقد يهوى صباح الخد قوماً
بليل الشعر قد تاهوا وضلوا
أيا ملك القلوب فتكت فيما
وفتكك في الرغبة لا يحل.

و قد غيرت ام كلثوم في بعض ألفاظ هذه الأبيات.. ففي البيت الرابع الذي تقول فيه في الشطر الأول:
"يميل بلحظة السحر عني. هو في الأصل كلماته تقول: "يميل بطرفه التركي عني..
وكذلك غيرت أم كلثوم في بعض كلمات الشطر الثاني من البيت الخامس فقالت:
"رأيت الماء ترف عليه ظل".. بدلاً من قول الشاعر: "ترى ماء يرف عليه ظل".
ولقد أشارت أم كلثوم إلى أسباب اللجوء لهذه التعديلات، وفق ما تراه مناسباً لأذواق مستمعيها، بدون أن يؤثر هذا التعديل على معنى القصيدة أو ما يرمي إليه الشاعر.. وقد مكنتها حرفة إتقان قراءة وقول الشعر كثيراً من ذلك.
ومما ذكرته في هذا السياق قولها: "ولعل هذا التذوق، وحفظ آلاف الأبيات الشعرية بين قديم وحديث، هو الذي أعانني بعد ذلك على أن أختار من قصيدة فيها مائتا بيت، ثلاثين بيتاً أغنيها، فلا يحس المستمع أنني قفزت من بيت إلى بيت.. فتركت عشرة أبيات أو عشرين بيتاً. بل لعل هذه الرحلة مع الشعر هي التي مكنتني من أن أضع كلمة - مكان كلمة - في قصائد كثيرة أو أغنيات كثيرة، فلا يحتج أصحابها لأنهم لم يحسوا أنني قصمت ظهر بيت.. أو غيرت المعنى.
وابن النبيه المصري وفق ما جاء في كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان "هو: أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن يوسف بن يحيى.. الشاعر البارع كمال الدين البنية المصري. وهو من أصحاب الشعر الرقيق والغزل البديع، وقد عاصر الدولة الأيوبية.. وعاش في كنف أحد سلاطينها.
ومن النقاد المؤرخين من يرى أنه من أقارب صلاح الدين الأيوبي، وقد خدم في معية السلطان الأشرف موسى الملقب بشاه آرمن، حوالي أربعين عاماً.. فأخذ يمدح ويسجل انتصاراته وأعماله في كل قصائده سواء التي دونها أو التي كان يلقيها مرتجلاً.
عاش ابن النبيه حوالي ستين عاماً. حيث توفي في مدينة نصبين في عام 619ه، وفي سيرة حياته التي تقدمت نصوص ديوانه المطبوع أوائل هذا القرن فقد جاء بها أنه توفي في اليوم الحادي والعشرين من جمادى الأول عام 619ه.. وعمره تقريباً نحو ستين عاماً.. كما نقل عن صهره رحمه الله.
وبخلاف ذلك فقد توسع بعض المؤرخين من المهتمين بأدب هذه الفترة التاريخية في الحديث عن ابن النبيه. سواء فيما يخص ميلاده أو حياته أو إنتاجه الأدبي.. ومما ذكر في هذا السياق أن ابن النبيه قد استظل بالدولة الفاطمية في أخريات أيامها وتلق ثقافته في عصرها..
كما اتصل في شبابه آنذاك بعلماء هذه الدولة وخاصة من الذين لحقوا ببداية الدولة الأيوبية أيام صلاح الدين. ولعله اتصل ببعض الكتاب أيضاً في هذه الفترة. وتعلم الكتابة على يد أحدهم، وربما كذلك التحق بديوان الإنشاد أو غيره من دواوين الدولة.
ولقد استدل العديد من المؤرخين والنقاد من ديوان شعره الشئ الكثير من المعلومات عنه وعن شخصيته.. ومن أهمها أنه اتصل بكبار رجال الدولة الأيوبية وسلاطينها، كما أنه غادر مصر في عهد السلطان الكامل محمد بن العادل ليلحق بأخيه الأشرف موسى الذي لم يتول حكم البلاد الشرقية في الجزيرة الفراتية، الموصل وإربل وميافارفين وخلاط ببلاد الأرض.. حتى لقب "شاه أرمن".
كما تؤكد أشعاره كذلك أنه لم يكتب الشعر إلا وهو في سن الأربعين. وانه التحق بخدم الأشرف موسى في حدود عام 600ه، بعد أن انتصر على صاحب الموصل، وانضم إلى مجموعة الأدباء والشعراء الذين خدموا الأشرف ولزموه آنذاك.
ويستند المؤرخون في قولهم السابق على ما ذكره بن واصل في كتابه مفرج الكروب وفي ذكره لحوادث سنة 600ه، أن ابن النبيه قد هنأ الأشرف بهذا الانتصار، كما ذكر ابن واصل أن ابن النبيه هنأ السلطان الأشرف كذلك بقصيدة لتعميره قلعة الطور بالشام سنة 609ه. مع والده السلطان العادل.
وعلى الرغم من أن ابن النبيه لم يتول مهنة القضاء في حياته، بل كان كاتباً في ديوان الإنشاء.. إلا أنه كان يلقب بالقاضي ابن النبيه.. وفي تحليل الدكتور محمد زغلول سلام لذلك.. قال: "ولكن جرت العادة أن يطلق لقب القاضي على كل صاحب قلم، كما يطلق لقب الأمير على صاحب سيف".
هذا عن حياته العامة.. وبعض لقطات من سيرته الذاتية.. أما بخصوص ديوان شعره الذي انتقت منه أم كلثوم الأبيات المشار إليها من قبل - فيقول النقاد - أن هذا الديوان لم يشمل كل أشعار ابن النبيه، وهي التي اختارها بنفسه. مقسماً هذا الديوان إلى ثلاثة أقسام، قسم في مدح الخليفة العباسي الناصر لدين الله وأسماه "الخليفيات". والقسم الثاني، قصائد في مدح الملك العادل وسماه "العادليات".. أما القسم الثالث.. وهو أكبرها فقد قاله في الملك الأشرف موسى وسماه "الأشرفيات".. ولقد اتضح لنا أن الأبيات التي غنتها أم كلثوم كانت تنتمي إلى القسم الثالث. والمسماه بالأشرفيات.
ولقد غلبت صفات الغزل والمديح على أشعار - ابن النبيه.. كما أشار إلى ذلك العديد من النقاد..
رد مع اقتباس