عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 22/08/2007, 18h13
الصورة الرمزية reza_neikrav
reza_neikrav reza_neikrav غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:59077
 
تاريخ التسجيل: août 2007
الجنسية: ايرانية
الإقامة: ايران
العمر: 44
المشاركات: 80
افتراضي Re: مالم يسمع من ناظم الغزالى

المقام العراقي .. نغم و طرب و ذكرى 2


في الموصل تختلف المقامات عنها في بغداد، في التحارير و البداوات و القطع و الأوصال و الميانات و الجلسات. ولا يتقيد قراء المقام في الموصل بتسلسل أركان أي مقام إذ إن القارئ أو المغني يحرر المقام وبعد التحرير يأخذ أي قطعة تروقه. وإذا أعاد غناء المقام نفسه قد يأخذ أي قطعة غير تلك التي أدخلها في المرة الأولى وهكذا. بينما في بغداد خلاف ذلك، إذ إن القارئ بعد تحرير المقام يسلسل أركانه بحسب ماهو متعارف عليه و متبع عند أربابه وإذا أعاد غناءه فهو يعيده كالمرة الأولى.
الأغراب و المقام

تعددت الاحتلالات،وتتالت الفتوحات على العراق منذ سقوط الدولة العباسية وحتى اليوم، ومن البداهة أن تتأثر المقامات بعادات المحتل ولغته و موسيقاه كما هو العكس تماماً. فنجد مقامات عربية أصيلة مثل الصبا و أخرى تركية مثل الأورفه وفارسية مثل السيكاه و كردية مثل اللاووك وهندية مثل الرست الهندي. لكن الأكيد أن المقامات صهرت بحناجر عراقية فأصبحت ذات خصوصية عراقية عربية، وخاصة حين نعرف أن لكل قارئ طريقته و اسلوبه في إدخال قطع وأوصال و الابتكار في التحارير و البداوات و القرارات و الجلسات و الميانات و التساليم. إنها مادة فيها خصوصية ضمن الخصوصية ،والتلاميذ نقلوا اسلوب كل منهم عبر الأجيال مشافهة.

ويعود سبب بقاء الألفاظ الأعجمية في بعض المقامات إلى أن بعض أو اكثر المغنين كانوا يتغنون إرضاء للولاة و الوزراء و الأمراء الذين يجهلون اللغة العربية. أما سبب الإبقاء على هذه الألفاظ الأعجمية ،فهو خوف المغني عليها من الضياع إن هو أبدلها بكلمات عربية ،خاصة في ذلك الوقت حين لم يكن قد تم اختراع آلات التسجيل،لكي تحفظ المقامات، حيث كانت تنتقل مشافهة كما أسلفنا عن طريق أرباب المقام وتلامذتهم ،رغم وجود محاولات من بعض القراء وضع كلمات عربية بدل تلك الأعجمية كما فعل هاشم الرجب في مقام الرست حين سجله في إذاعة بغداد عام 1959.

كما كان مبدأ الوصلة في الغناء المصري و التي تقوم على غناء قصيدة ودور و موشح و طقطوقة مثلاً في وصلة غنائية واحدة على مقام واحد، فإن المقامات العراقية كانت تغنى غالباً ضمن فصول ،وعددها خمسة . و الفصل مكون من عدة مقامات متعارف عليها تغنى واحداً بعد الآخر على أن يبدأ بمقام رئيسي. و بين مقام و آخر تغنى بستة( أغنية شعبية ) من قبل أعضاء الفرقة الموسيقية لكي يستريح المغني بعد قرائته للمقام ولكي يستعد لقراءة المقام الذي يليه، و بين فصل وآخر استراحة عامة للمغني و الموسيقيين.

و الفصول الخمسة هي:

1) فصل البيات ، ويتضمن مقامات:البيات، ناري ،طاهر،محمودي ،سيكاه ،مخالف و حليلاوي.

2) فصل الحجاز،و يتضمن: حجاز ديوان، قوريات، عربيون عجم، إبراهيمي وحديدي.

3) فصل الراست، و يتضمن: رست ، منصوري ، حجاز شيطاني ، جبوري و خنبات.

4) فصل النوى، و يتضمن: نوى، مسجين ، عجم عشيران ، بنجكاه وراشدي.

5) وفصل الحسيني ،ويتضمن:حسيني ، دشت، أورفه ، أرواح، أوج ، حكيمي و صبا.

يذكر أن هناك العديد من المقامات غير داخلة في هذه الفصول مثل النهاوند، الجمال ، البيهرزاوي، البشيري ، المقابل ، الحويزاوي ، القطر ، السعيدي ، الخلوتي ، الأوشار، الجهاركاه، شرقي دوكاه، المثنوي ، الهمايون،الحجاز كاركرد، التفليس، الحجازكار، المدمي، بختيار، الدشت و مقام اللامي.

أنواع المقامات

ـ من حيث الكلام الذي يغني به: هناك مقامات تغنى بالشعر العربي الفصيح وعددها 33 مقاماً. و مقامات تغنى بالشعر العربي العامي الذي يسمى الزهيري أو ماهو متعارف عليه بالموال البغدادي الذي يتألف من سبعة أشطر ويسمى أيضاً(نعماني)،حيث الأشطر الثلاثة الأولى تنتهي بكلمة واحدة متحدة في اللفظ مختلفة في المعنى(جناس)، وثلاثة أشطر الأخرى تنتهي بكلمة واحدة متحدة في اللفظ مختلفة في المعنى أيضاً.أما الشطر السابع فينتهي بكلمة الأشطر الثلاثة الأولى مع اختلاف في المعنى أيضاً.وعدد المقامات التي تغنى بالشعر الزهيري 20 مقاماً.

ـ من حيث التصنيف: إلى ((مقيد)) و((مطلق))، فهناك مقامات مقيدة:وهي المقامات التي يجب على المغني أن يؤدي جميع أركانها و قطعها و أوصالها و مراعاة تسلسلها بحسب ماهو متعارف عليه عند أربابه. وهناك مقامات مطلقة: وهي التي لايتحتم على القارئ أن يراعي فيها تسلسل أركانها و قطعها و أوصالها.

و سميت المقامات العراقية نسبة لأمور عدة:

حسب النسبة و المستقر، مثل مقام الحسيني، أو حسب المستقر فقط مثل مقام السيكاه.أو حسب النسبة فقط مثل مقام المدمي. وقد يكون على اسم مدينة مثل الأورفة و البيهيرزاوي. أو على اسم عشيرة مثل البيات. أو نسبة إلى اسم رجل مثل الأبراهيمي أو لقب عائلة مثل الحكيمي و غيره.

و يقال إن مقام المنصوري جاء نسبة إلى منصور زلزلة،في العهد العباسي، الذي كان أحد قراء المقام و المجيدين له و مبدعاً فيه،و الذي ابتكر مقاماً موسيقياً و أدائياً سمي بالمنصوري و اعتبر منذ ذلك الوقت من المقامات الرئيسية التي تؤدى بالشعر العربي الفصيح، ومن الناحية الموسيقية أدخل منصور((وسطى زلزلة)) التي عرفت لاحقاً بالربع صوت، وقد ورد ذكره لدى الأصفهاني والأرموي وشهد له إسحق الموصلي واشتهر بأنه أصلح السلم بإدخاله الوتر الثالث الأوسط إذ اختلف علماء زمانه في موضع نغمة السيكاه على آلة العود و كانوا يسمونها الوسطى.

أغراض المقام العراقي

اعتنى العراقيون بالمقام العراقي في فترة من الفترات حتى بات جزءاً من حياتهم و مناسباتهم الدينية و الدنيوية، وكان التنافس مستديماً بين قرّاء القرآن و المقام على الدوام، وتم توظيف المقام في أغراض عدة منها:

1) الجالجي(الجالغي) البغدادي.الجالجي لفظة تركية و تعني حفلة.و يقدم عادة في حفلات الأعراس. وفي ليالي رمضان تكون حفلات الجالجي في المقاهي البغدادية، وتختلف طقوسها عن تلك التي في الأعراس وما شاكلها من مناسبات، وكذلك تختلف المقامات المتبعة حسب المناسبة.

2) المقامات في المولد النبوي.المقامات فيها تؤدى بشكل خاص بالمولد و عدة مقامات لها طرقها الخاصة وأربعة فصول مختلفة عن فصول (الجالجي البغدادي).

3) مقامات الأذكار.أي تلك التي يعتمد فيها على الدفوف،و تقام في التكايا و الجوامع المشيدة في المحلات الشعبية التي يدرس فيها الملالي القرآن الكريم قبل انتشار المدارس، وقد باتت من الماضي، وتكون الأبيات الشعرية على شكل غناء صوفي وهي أربعة أذكار معروفة:الذكر المصري و الذكر الرفاعي و الذكر القادري و الذكر البغدادي.

4) مقامات تؤدى أثناء التمجيد في الليالي المباركة أو في استقبال الأعياد.و يتم التمجيد عادة من فوق المآذن، و المقامات المتبعة في التمجيد هي مقام السيكاه و الحجاز ديوان. أما الشعر الصوفي المغنى، فيؤدى من مختلف المقامات و الأنغام كمقام الأرواح، و المحمودي،عجم عشيران،و عربيون عرب، وعادة ماينتهي التمجيد في مقام الصبا.وفي ليلة العيد،اعتمد الممجدون نغم الجهاركاه الذي يحمل صدى الفرح و البشرى. وكان أهل العراق يحبذون الخطيب الذي يتغنى بالأنغام مثل الصبا و الحسيني.كما في المراثي الحسينية،حيث يكون لجمال الصوت الدور الفعال في شحذ المشاعر.

5) في الرياضة.كان يستخدم في رياضة تسمى((الزورخانة)).وهي نوع من رياضة المصارعة وبعض التمارين في حلبات،و وفق أصول معينة وأنغام و أوزان إيقاعية خاصة، حيث يوجد رجل يسمّونه المرشد، يضبط إيقاع المصارعين على (طبلة) كبيرة في يده، ويغني لهم ما يلائم ألعابهم من الأنغام المنشطة للهمم و العزيمة، و المصارعون لا يتحركون إلا وفق إيقاع نقرات المرشد وألحانه،وللزورخانة طقوس دينية خاصة بها،وهي تضفي على ممارسيها سمات القوة و الرصانة و الخلق الرفيع،وهي أيضاً باتت من الماضي.
يتبع ..
رد مع اقتباس