عرض مشاركة واحدة
  #65  
قديم 08/11/2009, 18h01
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاخوه الاعزاء
السلام عليكم


طرائف وحكايات مجهولة عن الشاعر


الزهاوي





اشتهرَ الشاعر العراقي الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي (1863-1936) بطرائف نادرة، وجوانب تدعو للاستغراب، حري تتبعها ونشرها لانها تسلط الاضواء على هذه الشخصية الفريدة وتفصح عن معالمها غير المعروفة .


نبذة عن الشاعر الزهاوي ....
جميل صدقي الزهاوي وهو ابن محمد فيضي ابن أحمد بن حسن بن الأمير سليمان الزهاوي، يرجع نسبه إلى اسرة بابان وهي من الأسر المشهورة في شمال العراق ، التي يرجع نسبها للقبيلة العربية بني مخزوم، و قد عرف بالزهاوي منسوبا إلى بلدة (زهاو) و كانت موطنا لأسرته في العهد الاخير. ولد جميل الزهاوي في بغداديوم الأربعاء 29 ذي الحجة عام 1279 هـ، الموافق 18 حزيران عام 1863م ، وبها نشأ ودرس على أبيه وعلى علماء عصره، وعين مدرسا في مدرسة السليمانيةببغداد عام 1885م، وهو شاب ثم عين عضوا في مجلس المعارف عام 1887م، ثم مديرا لمطبعة الولاية ومحررا لجريدة الزوراء عام 1890م، وبعدها عين عضوا في محكمة استئناف بغداد عام 1892م، وسافر إلى استانبول عام 1896م، فأعجب برجالها ومفكريها وتأثر بالأفكار الغربية، وبعد الدستور عام 1908م، عين استاذا في دار الفنون باستانبول ثم عاد لبغداد، وعين استاذا في مدرسة الحقوق، وانضم إلى حزب الأتحاديين، وأنتخب عضوا في (مجلس المبعوثان) مرتين، وعند تأسيس الحكومة العراقية عين عضوا في مجلس الأعيان. ونظم الشعر بالعربية والفارسية منذ نعومة أضفاره فأجاد واشتهر به.

وكان له مجلس يحفل بأهل العلم والادب، وأحد مجالسه في مقهى الشط وله مجلس آخر يقيمه عصر كل يوم في قهوة رشيد حميد في الباب الشرقي من بغداد، واتخذ في آخر أيامه مجلسا في مقهى أمين في شارع الرشيد وعرفت هذه القهوة فيما بعد بقهوة الزهاوي، ولقد كان مولعا بلعبة الدامة وله فيها تفنن غريب، وكان من المترددين على مجالسه الشاعرمعروف الرصافي والأستاذ ابراهيم صالح شكر والشاعر عبد الرحمن البناء وكانت مجالسه لا تخلو من ادب ومساجلة ونكات ومداعبات شعرية، وكانت له كلمة الفصل عند كل مناقشة ومناظرة،

وكان متطرفا ساخرا من التقاليد الاجتماعية، كثير الشكوك بالقيم المتوارثة.. وقد لخص الزهاوي حياته قائلا:
كنت في صباي اسمى (المجنون) لحركاتي غير المالوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي في الطرب، وفي كهولتي (الجريء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بارائي الفلسفية..

ونحن نعرف جميل صدقي الزهاوي كشاعر و نعرفه كفيلسوف و كعالم. و لكن قلما يعرفه احد كظريف منكت. له حكايات و طرائف كثيرة شهدها المقهى المعروف بأسمه، مقهى الزهاوي في شارع السراي. لم يكن هذا المقهى يعرف بهذا الاسم، و انما باسم قهوة امين. دعاه يوما نوري السعيد للالتقاء به. سأله الزهاوي ، وين نلتقي. قال له رئيس الوزراء في قهوة امين. والتقيا هناك . رئيس الحكومة و الشاعر الفيلسوف. المقهى ليس فيها من متاع الدنيا غير بضعة مصطبات و كراسي قديمة و فونوغراف ابو الزمبرك. تصوروا رئيس الحكومة العراقية يجتمع في مثل هذه المقهى .




مع ذلك ، أعجب الزهاوي بها فاتخذها مقاما له. و سرعان ما تحولت الى تجمع للادباء و المفكرين. كان بينهم الرصافي. انطلق الرصافي يوما في انشاد قصيدة طويلة فتضايق الزهاوي منها و من صاحبها وجلس يفكر بفكرة يعمل فيها مقلبا عليه. حتى ظهر صبي يبيع الحب . فقاطع الزهاوي زميله الرصافي متوجها الى بياع الحب.((يا ولد عندك قميص شبابي على كدي؟)) استغرق الحاضرون بالضحك. و ضاعت القصيدة على الرصافي فخرج غاضبا و لم يعد الى ذلك المقهى ابدا. و عندئذ تربع الزهاوي في جلسته وقد نصب من نفسه اميرا على المقهى.

وكانت العداوة بينه وبين معروف الرصافي شديدة (حيث قال الرصافي أشياء كثيرة في النيل من الزهاوي) ولكن فرصة مواتية للزهاوي جاءت للرد الصاع صاعين للرصافي عندما سألوه عن رأيه في الشاعر احمد شوقي (وهذا مجال لعداوة أخرى) فأجابهم قائلا بلهجته البغدادية:
هذا شنو أحمد شوقي، ولا شيء! تلميذي معروف الرصافي ينظم شعرا أحسن منه!
في الوقت الذي كان كلاهما أستاذ بأدبه وشعره.

غادر الرصافي المقهى ، واذا بمكانه شاعر شاب آخر انه محمد مهدي الجواهري. انطلق الجواهري يتلو شيئا من شعره هو الآخر حتى قاطعه الفيلسوف. (( افندم تتراهن؟)) استغرب الشاعر الشاب . إذ كان عمره سبعا و عشرين سنة، من هذا السوآل. أعاد الكرة :" نتراهن على أي شيء استاذ؟
اجابه الزهاوي على ان اقطع نفسي و انت تقطع نفسك، و خلي نشوف منو يخلص نفسه بالأول!
كان لعبة مما يلهو به الاطفال ، و لكن الجواهري الشاب لم يشأ ان يعترض على سيده وهو في السبعين. فمسك نفسه. و فعل مثله الزهاوي. بعد برهة من الوقت استسلم الجواهري. " يا استاذنا كفاية!" فكسب الزهاوي الرهان و حق على الجواهري ان يدفع عنه اجرة المقهى ,,,, آنة .

كان الزهــاوي نصيراً عنيداً للمرأة وكتب في حريتها ومساواتها بالرجل الكثيرَ من النثر والشعر. إحدى مقالاته في الدفاع عن المرأة نشرت في عام 1910 سببت له المتاعب وانتهت بتسريحه من وظيفته في إحدى مدارس بغداد وشنت حملات كبيرة من قبل الكتاب المتشددين الذين وصفوه بالمارق.. قصـائده في تحـرر المرأة كـانت أشد وقعـاً على الرجعيين والمتخلفين..

ويوما ما في كان حاضرا في اجتماع لااختيار موقع مدرسة للبنات من المنوي افتتاحها في بغداد ووضع الحاضرون شروطا عجيبة وغريبة لااختيار المكان المناسب منها ان المدرسة لاتكون ملاصقة لااي دار خوفا من نظرات الجيران الشباب وان لاتكون فيها شبابيك تطل على الطريق وان تكون اعلى من اي بناية مجاورة والا تكون فيها نبكة ( شجرة السدر ) خوفا من نظر الطيور والعصافير للطالبات الى اخر هذه الشروط المضحكة .
ولم يتفق الحاضرون على المكان وحينها صاح الزهاوي وجدتها !!!! ان احسن مكان لهذه المدرسة هي ((جاون منارة سوك الغزل )) وهي مطابقة للمواصفات المطلوبة وضحك الحاضرون وانفك عقد الاجتماع ....

هناك كان ينفث افكاره الفلسفية في شتى العلوم.، الداروينية و اصل الانسان، و جاذبية الارض و نحو ذلك. فيما كان يوما محلقا بأفكاره هذه ، اقتحم المقهى رجل يتطاير الغضب من عينيه ، و توجه فورا الى الزهاوي صائحا به,, كلب ! كافر ! زنديق ! تنكر خلقة الله ؟ تكول اصل الانسان قرد!
آني ابويه شادي ؟!
مسك به الزهاوي و قال له : لا، ابني لا . انا ما كلت ابوك انت كان قرد. حاشا. انا كلت ، ثم كشف الشاعر عن رأسه الاصلع و وجهه المكرمش و اسنانه المنخورة ، و مسك ذقنه بيده و قال:

انا كلت ، آني ابويه جان شادي !

ضج الجالسون بالضحك في ذلك اليوم من ايام الزمن الجميل .

بعض من طرائف الشاعر الزهاوي ....
اعتاد الزهاوي ان ياخذ من زوجته السيدة زكية هانم صباح كل يوم (يومية) قبل ان يذهب الى المقهى التي تحمل اسمه حتى اليوم في شارع الرشيد ببغداد. كان الزهاوي يحرص على ان تكون (اليومية) (خردة) تضعها له السيدة هانم في كيس صغير ليسهل عليه توزيع (آناتها) (المفردة: آنة) ثمناً لما يشربه تلاميذه من محبي شعره الذين يلتفون حوله في المقهى.. وبذلك كان الزهاوي واحداً من اشهر العراقيين بـ(الوير) فالوير عادة شعبية عراقية وهي ان يقوم المتقدم في الحضور الى المقهى او المطعم بدفع ثمن الشاي للذي يجيء متأخراً والغاية من ذلك اظهار الكرم وتقوية اواصر المحبة،

وكلمة (وير) بمعنى اعطِ، ادفع، كما ورد في (معجم الالفاظ الدخيلة في اللهجة العراقية الدارجة) للاستاذ رفعت رؤوف البزركان.

وكان الشاعر المرحوم الزهاوي يستخدم في تنقلاته حمارته الحساويه البيضاء المشهورة ويترك رجلاه تتدليان منها وهو يحتذي الكيوه البيضاء وكان يربطها بباب القهوة ( قهوة الزهاوي) لحين خروجه .

ومن الطرائف الزهاوية الاخرى، ولع الشاعر بجمع اصناف مختلفة من (اقلام الباندان) فاذا بلغه وصول نوع جديد منها اسرع الى زكية هانم يطلب اليها ان تعطيه مبلغاً من المال لشراء ذلك القلم الجديد. وحدث ذات مرة ان ترددت زكية هانم عن دفع المبلغ له، فشخر ونخر وسب الشمس والقمر، وطفق يصرخ ويبكي كالطفل الذي يريد لعبة جديدة له، وامه تمانع ! (الراوي: خيري العمري ).

وقد يعمد الزهاوي عندما يغضب على زوجته الى المقص، فيعمل في ملابسها وفساتينها قصاً وشقاً، لكنه لايلبث ان يندم اشد الندم.
فيرتقي دولاب الملابس حيث يجلس وهو يجهش بالبكاء ثم يعتذر للهانم!

وينقل لنا المرحوم خيري العمري حقيقة اخرى طريفة عن الزهاوي فيقول: ان الزهاوي كان يضيق ذرعاً بالحمام ويتهرب من الاستحمام، وبذلك يسبب لزوجته مضايقات تضطرها الى ملاحقته واتخاذ كل الوسائل لاقناعه بالاستحمام ولا تتوصل الى ذلك الا بعد مفاوضات طويلة، يشترط فيها هو ان لا يتسرب الماء والصابون الى عينيه، وان تفتح ابواب الشبابيك ليتسرب البخار الى الخارج واذا اتفق ان البخار تكاثر او نفذ الصابون والماء الى عينيه ارتفع صوته بالصياح والاستغاثة بالناس ان ينقذوه من الاختناق !

ويروى انه كان من المولعين بسماع القصص والسوالف الخرافية عن الطنطل والسعلوة وفريج الاكرع الخ ... وكانت زوجته زكية هانم تروي له يوميا بعضا منها , وقد نفذ مخزونها من القصص يوما ما واضطرت الى تأجير ملاية لتقوم بهذا العمل لشدة ولعه بهذه القصص وفي احدى المرات روت له الملاية قصة طويلة عن اختطاف زوج فتاة من قبل السعلوة ورميه في البحر فما كان من الزهاوي الا اللطم على راسه بشده صائحا يبووووو فما كان من الملاية الا الهروب بعيدا وقالت لزوجته يمه هذا رجلج اشبيه !!! اتخبل ....

ومن الطريف ان الزهاوي( كما ذكرت السيدة عائدة عبد المحسن السعدون ) كان يتبع نظاماً خاصاً في الاكل فكان يحرص على ان يتناول لوناً معيناً من الطعام مدة من الزمن لا يذوق سواه من الاطعمة الاخرى، حتى اذا انقضت تلك المدة انتقل الى صنف اخر من الطعام كأن يكون هذا الشهر للباذنجان والشهر الاتي للباميا والشهر اللاحق للشجر وهلمّ جرة،

ويروى ان الزهاوي غضب يوماً على هرة، لانها افترست بلبلا عني في تربيته فامر خادمه ان يقتلها عقاباً على ما جنته بعد ان حاكمها محاكمة عادلة واصدر حكمه بالاعدام عليها .
ولله في خلقه شؤون .


قال عنه العلامة الشاعر وليد الاعظمي : ((كان الزهاوي شديد الأعجاب بنفسه محبا للشهرة ويميل إلى مخالفة الناس، ويدعي المعرفة بالعلوم كلها كالفلسفة والفلك والجاذبية والتشريح مما أثار ضجة كادت تودي بحياته، وهو شاعر مكثر، وشعره ثقيل غير سائغ بسبب حشر النظريات العلمية فيه، وكان يحسن اللغةالعربية والفارسية والتركية والكردية ، وشيئا من اللغة الفرنسية ، وترك عدة دواوين منها (الكلم المنظوم) وديوان (اللباب)، وديوان (الأوشال)، و(الثمالة)، و(رباعيات الزهاوي)، وهي ترجمة لرباعيات الخيام

ترجم المترجمون له كثيرا من شعره الى لغات حية شرقية وغربية، ووضع اسمه في اشهر قواميس الاعلام، وكان اسمه موضع اهتمام الدراسين فالفت في حقه كتب عديدة منها الزهاوي، فيلسوف بغداد (في القرن العشرين) لروفائيل بطي، ومحاضرات عن جميل صدقي الزهاوي لناصر الحاني، والزهاوي وثورته في الجحيم لجميل سعيد، وغيرها من الكتب والدراسات الجامعية، وقد ذاع صيته في جميع الاقطار العربية ودرس شعره في المدارس العربية .


تشيع الزهاوي الى مقبرة الخيزران في الاعظمية عام 1936

وتوفي الزهاوي في شهر ذي القعدة عام 1354 هـ،1936م ، ودفن بمشهد حافل في مقبرة الخيزران بالاعظمية (المجاورة لمرقد الامام ابي حنيفة النعمان ) وبنيت على قبره حجرة ودفن على مقربة منه علامة العراق الشيخ امجد الزهاوي ابن أخيه.

تحياتي
قصي الفرضي / العراق بغداد
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg الزهاوي 1930.jpg‏ (27.0 كيلوبايت, المشاهدات 225)
نوع الملف: jpg مقهى الزهاوي.jpg‏ (65.2 كيلوبايت, المشاهدات 228)
نوع الملف: jpg الرصافي 1936.jpg‏ (21.3 كيلوبايت, المشاهدات 228)
نوع الملف: jpg تشيع الزهاوي.JPG‏ (46.8 كيلوبايت, المشاهدات 226)

التعديل الأخير تم بواسطة : هامو بتاريخ 20/11/2009 الساعة 09h25
رد مع اقتباس