الموضوع: أحمد عدويه
عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 16/04/2007, 06h50
Ahmadalex Ahmadalex غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:21325
 
تاريخ التسجيل: avril 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
العمر: 73
المشاركات: 6
افتراضي مشاركة: أحمد عدوية

أطيب تحية لكل رواد الموقع أصحاب الذوق الرفيع والسلوك الراقي
حين تعرفت على أحمد عدوية (كمطرب وليس كشخص) استفزني وجوده لأبعد حد، فقد كنت شاباً يتدرب مع كورال سيد درويش، وتسحرني كلاسيكيات الغناء العربي، وبقيت على موقفي هذا لفترة طويلة للغاية.
لكن مع النضج والتعلم أدركت أن الغناء حالة مركبة يصعب الحكم عليها من مجرد الكلمات التي تعكس الحالة الثقافية العامة للمجتمع الذي ينتجها، ودون شك أحمد عدوية ظهر في مرحلة من أقسى المراحل التي صنعت مقدمات الواقع الرديء الذي نعيشه الآن، فمرحلة الانفتاح ضربت بعنف قيم المجتمع المصري في العمق، ودمرت أسسه الثقافية قبل الاقتصادية، وكان صعود طبقة قادرة مادياً لا تملك أية قيم ثقافية مقدمة انهيار مصر الحديثة، وكانت كلمات أغنيات أحمد عدوية، وكتكوت الأمير، وحتى سعاد حسني تعبيراً عن تحول في الذائقة العامة للمجتمع، هذه الذائقة الفاسدة التي ظهرت في عدة أشكال، كلمات الأغاني أحد تجلياتها، ولكن الأشكال المادية الأخرى (مثل الشواطئ الراقية التي شهدت الشيشة وحلل المحشي بعد الأناقة والجمال) كانت تعلن عن سقوط ثقافة (نحن نسميها راقية) وصعود ثقافة (هم يسمونها واقعية) وكان استسلام كتاب من حجم العظيم صلاح جاهين، ومأمون الشناوي وغيرهم انعكاس لهزيمة 67 وانتصار القبح والفجاجة على الجمال.
إذا فأغاني أحمد عدوية اليوم (وليس أحمد عدوية) هي شهادة على عصر، سوف يقوم عالم اجتماع أو انثربولوجي في يوم من الأيام بتحليل كلماتها لتفسير المرحلة التي أُنتجت فيها، وهذه قضية أعتقد أننا لا نملك فيها الكثير الآن لأننا نحاول أن نستمتع بالقليل الباقي لنا من الجمال.
لكن الأمانة تقتضي أن نقول أن أغنيات أحمد عدوية ليست كلها تلك الكلمات الغريبة التي (كانت مستفزة) مقارنة بسيل الكلمات (العجيبة) التي تطاردنا الآن بدون هوادة، والتي تعتبر كلمات أغاني أحمد عدوية بالنسبة لها من قاموس الشعر العربي، فقد غني مواويل من التراث، وأغان لمطربين غيره بطريقته الخاصة وكانت جميلة بلا شك.
أحمد عدوية في حقيقته جزء من تيار غنائي شعبي أصيل ظهر في الإسكندرية ضمن جيل من مطربين عظام، نُسوا أو جرى تناسيهم مثل عزت عوض الله، وبدرية السيد، وسماح، وإبراهيم عبد الشفيع (أصبح فيما بعد عضواً في البرلمان) والشيخ أمين الذي كان يغني أغاني بحري ويرقص معها (السيد حلال عليه) الرقص السكندري الشعبي.
لقد عكست هذه الأغنيات الذائقة السكندرية الأصيلة، وقدمتها أصوات تميزت بخصائص تحتاج لدرس علمي من حيث تأثير البيئة على تكوينها الفيزيائي، وأدواتها الغنائية، واستخدامها لطبقات الصوت،والمقامات السائدة، وكل من ذكرت من مطربين من أجمل من تسمع منهم المواويل الحمراء.
أحمد عدوية الآن ليس إشكالية غنائية، فهو وإن كان موجوداً (شفاه الله ومد في عمره) إلا أن أعماله تاريخ فني، ويجب ألا تقف الكلمات (التي كانت فجة، وأصبحت عادية مقارنة بما هو سائد الآن) عقبة أمام تذوقنا لصوت بالفعل جميل، وأداء صوتي حقيقة مميز.
والأجمل هم أولئك الذين جاءوا إلى هذه المساحة بحثاً عن الحقيقة والجمال في الفن، بينما البقية الباقية تركض وراء ما ندري، ولا ندري.
مع تحياتي.
أحمد إبراهيم
رد مع اقتباس