[بو بشار]

( حسين جاسم )


شهدت فترة الستينات من القرن الماضي بزوغ العديد من الاصوات الغنائية الخليجية التي شكلت منعطفا مهما في تاريخ الاغنية الخليجية

وشكلت تيارا فنيا رائدا كان احد اسباب تخطي الاغنية حدودها الجغرافية ووصولها الى الجمهور العربي في كل مكان.
واذا كان المستمع ما زال يعشق الحان واغاني عوض دوخي وسعود الراشد وعبدالله فضالة ومحمود الكويتي وعبداللطيف الكويتي وضاحي بن وليد وغيرهم، فإن هناك اسماء اخرى لعبت دورا مهما في التأسيس لمرحلة جديدة من الغناء محليا وخليجيا، واستطاعت ان تحقق العديد من المكاسب، انها اصوات من ذهب كان لها الريادة والتفوق ونقل الاغنية الخليجية الى عصر جديد بوعيها وموهبتها وكفاحها الطويل

'اصوات من ذهب' تسلط الضوء على ابرز تلك الاسماء محليا وخليجيا التي كان لها دورها الايجابي في تطوير الأغنية الخليجية والنهوض بها، وهو دور لا يمكن بأي حال تجاهله. بعض هذه الاصوات رحل الى الرفيق الاعلى، وبعضها الآخر لا يزال متواصلا في عطائه وفنه.حقا انها اصوات ذهبية

حلفت عمري ما أشوف
صورة ملامح فيها من رسمك
حلفت أني ما أفتح يوم
كتاب يحمل معاني اسمك
وامسح كل رسالة حب
ولا أخلي أثر للقلب
هذه الكلمات الجميلة هي مقطع أغنية ربما ليست أجمل ما قدمه حسين جاسم، لكنها تأتي بين أجمل ما قدم هذا الفنان في مسيرته الغنائية الحافلة بعشرات الأعمال الجميلة

حسين جاسم، الذي بدأ مشواره مع الأغنية عام ،1967 سرعان ما انطلق بقوة نحو النجومية والشهرة حتى أصبح خلال سنوات قليلة أبرز مطرب كويتي يقدم الغناء الأصيل، ويمتلك صوتا عذبا واحساسا بالكلمة وحضورا مميزا، لكنه فاجأ الجميع باعتزاله الفن بعد سنوات قليلة

وكما فاجأ الجميع باعتزاله، فاجأهم بعودته من جديد في المناسبات الخاصة، وحفلات التكريم، واختير تسجيله المقدمة الغنائية لمسلسل 'بين عصرين'

نبوغ
كانت الساحة الفنية والغنائية تحديدا في منتصف الستينات مشجعة جدا لظهور المواهب في شتى المجالات، وقد شهدت سطوع عدة اسماء في مجالات التأليف الغنائي والتلحين والغناء

وكان حسين جاسم أحد تلك الأصوات الشابة التي اندفعت لتقدم نفسها في مجال الأغنية، ربما لم تبرز موهبة الغناء لديه في الصغر، لكن دخوله معهد المعلمين لدراسة الموسيقى كان عاملا أساسيا في الكشف عن موهبته، ومع ذلك فإن ظهوره كمطرب على الساحة الفنية جاء بعد نجاحه في تقديم أغان دينية ووطنية خلال الحفلات التي يقيمها المعهد آنذاك، وقد برز في تقديم الموشحات، هذه الحفلات الفنية كشفت عن عذوبة صوته، وكانت الخطوة التالية تقدمه الى اذاعة الكويت ليشارك في أوبريت غنائي وقدم بعد ذلك أشهر أغنية دينية 'يا إله الكون'، التي مازالت تبث حتى الآن وهي من ألحان عبدالرؤوف اسماعيل، ثم تبع ذلك بأوبريت 'شعلة العلم' الذي لحنه عبدالرؤوف اسماعيل أيضا.
لم يكن حسين جاسم متحمسا لخوض تجربة الأغنية العاطفية ربما للبيئة التي عاش فيها، وربما لعدم اقتناعه بذلك لكن عندما قدم أغنية 'أبو الموقة' التي نجحت أيما نجاح حدث تحول كبير في مسيرته الفنية، الأغنية من كلمات جاسم شهاب وألحان عبدالرحمن البعيجان ويقول مطلعها:
أيا غالي يا بو الموقة
نسيت الحب وحقوقه
نسيت العهد والإيمان
وقلبي زايد بشوقه
سحرت القلب بعيونك
شغلت الفكر بفتونك
وكل الناس يحبونك
علامك طالع بسوقه

هذا الأغنية كانت نقطة تحول مهمة في توجه حسين جاسم ا لى الغناء العاطفي

أصالة
منذ بداية مشواره الغنائي سار المطرب حسين جاسم على طريق البحث عن الأصالة والتميز، وربما يكون واحدا من قلائل لم يقدم الا الأعمال المتميزة

فجاءت معظم اختياراته ناجحة ساهم في ذلك وعيه الفني خاصة بعد دراسته في معهد المعلمين وتخصصه في الموسيقى، الأمر الذي فتح امامه الطريق لمعرفة الكثير عن فنون الغناء، ثم تعاونه مع ملحنين بارزين، لهم أسلوبهم في الألحان الفولكلورية المطورة مثل يوسف المهنا، وعبدالرحمن البعيجان، وغنام الديكان، ومن ذلك أغنية 'شوصف فيك' التي لحنها عبدالرحمن البعيجان وهي من كلمات الشاعر الغنائي خليفة العبدالله الخليفة ويقول مطلعها:
شوصف فيك شخلي منك
طيبة قلبك وضحكة سنك
والا شعرك يا حبيبي
اللي غطى كل ما منك
قلبي غنى في جمالك
وتغزل في هواك

وله أغنية جميلة بعنوان 'يا معيريس' التي كتب كلماتها مبارك الحريبي ولحنها غنام الديكان ويقول مطلعها:
يا معيريس عين الله تراك
القمر والنجوم تمشي وراك
يا معيريس عين الله تراك

ولحن غنام الديكان عدة أغان للفنان حسين جاسم بينها 'يا فرحة كبيرة' و'طابت الأفراح'، وهما من كلمات الشاعر الغنائي مبارك الحريبي، اما اغنية 'حلفت عمري' التي تعد واحدة من أهم ما قدمه حسين جاسم فهي من كلمات الفنان والشاعر الغنائي ماجد سلطان ومن ألحان يوسف المهنا

وخلال مشواره قدم حسين جاسم العديد من الأعمال الغنائية الناجحة منها أغنية 'من أجل الهوى' كلمات الشهيد فايق عبدالجليل وألحان خالد الزايد، وأغنية 'سمراء يا فجر الشباب' من كلمات الشاعر الراحل محمد الفايز، يقول مطلعها:
سمراء يا فجر الشباب
وهوى لياليه العذاب

وتعاون حسين جاسم مع عدد من الملحنين البارزين مثل أحمد البابطين في أغنية 'صحيح الدنيا ما تنفع' كلمات مبارك الحريبي

ومن الأغاني الجميلة التي قدمها حسين جاسم أغنية 'اذكرني مرة' التي كتب كلماتها خليفة العبدالله الخليفة ولحنها عبدالرحمن البعيجان:
اذكرني مرة لو بعد عام لو بالسلام
ما عدت اسمع منك كلام غير بالمنام

هذا التآلف وذلك النجاح لم يمنعاه من اعتزال الغناء لسنوات طويلة، ويبتعد عن الأضواء قرابة عشرين عاما أو يزيد، ثم تكون عودته من خلال ابتهالات دينية ويتم تكريمه في مهرجان القرين الثقافي ،2005 ثم يكرم في قطر في العام الذي يليه كل ذلك لم يغره الى العودة من جديد إلى الأغنية العاطفية

إعداد عبدالمحسن الشمري

___________________

أيا غالي يا بو الموقه
كلمات جاسم شهاب
ألحان عبدالرحمن البعيجان

آآه ياغالي يا بو الموقه .. نسيت الحب وحقوقه
نسيت العهد والايمان .. وقلبي ذاب بشوقه
سحرت القلب بعيونك .. شغلت الفكر بفنونك
وكل الناس يحبونك .. علامك طالع بشوقه
انا مدري شجرى مني ؟ تولعني وتصد عني
تجافيني ولاجني .. احبه وروحي محروقه