عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 21/06/2008, 13h14
الصورة الرمزية MUNIR MUNIRG
MUNIR MUNIRG MUNIR MUNIRG غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:27439
 
تاريخ التسجيل: mai 2007
الجنسية: Egyptian American
الإقامة: الولايات المتحدة
العمر: 84
المشاركات: 568
افتراضي رد: قصص وحكايات الفنانين العرب في مصر

قصص وحكايات الفنانين العرب في مصر (12)

بديعة مصابني ملكة المسارح الاستعراضية نجحت في عالم الطرب والرقص وفشلت سينمائيا

القاهرة ـ القدس العربي2008/06/13 ـ من عبدالفضيل طه: كان شارع عماد الدين في عشرينات وثلاثينات وأربعينات القرن الماضي يموج بعشرات الفرق المسرحية، علي الكسار ونجيب الريحاني ورمسيس يوسف وهبي وعبدالرحمن رشدي وفاطمة رشدي وعزيز عيد وجورج أبيض وغيرهم، كما كانت هناك عشرات من صالات الرقص التي تديرها أجنبيات مثل، صالة ديناليسكا في شارع علي الكسار حاليا بجوار مسرح الريحاني ـ وكازينو دي باري الذي كانت تديره مدام مارسيل وهو مكان سينما ريتس بشارع عماد الدين المهجورة حاليا، وكانت هناك صالات تديرها مصريات مثل، سعاد محاسن وماري منصور ورتيبة وأنصاف رشدي، والاولي كانت صالتها مكان مسرح محمد فريد الذي أغلق وهو في شارع عماد الدين ورتيبة وأنصاف كانت صالتهما مكان محل بيع المصنوعات المصرية حاليا وموقعه في تقاطع شارعي عماد الدين بالألفي، أما أكبر صالات الفنانات العربيات فقد كانت صالة بديعة مصابني وكانت الصالة بشارع عماد الدين مكان سينما ليدو حاليا.
وبديعة مصابني فنانة لبنانية وصلت القاهرة لأول مرة سنة 1910 ثم كانت حكايتها حكاية أقرب إلي الأساطير أو الروايات الخيالية وهي تستحق أن تروي، ولنبدأ القصة من البداية.
في أواخر القرن الـ19 وعلي وجه التحديد في سنة 1892 أطلت علي الدنيا طفلة ستملأ الدنيا فنا وطربا وتمثيلا ورقصا، ففي تلك السنة وفي مدينة بيروت، جاءت هذه الطفلة، بديعة من عائلة مصابني المسيحية المارونية.
شبت الطفلة عن الطوق وأصبحت فتاة رائعة الجمال رشيقة القوام خفيفة الروح ذكية الفؤاد شغلت شباب الحي بجمالها ورشاقتها، أحست هي بقيمة جمالها فأخذت تتيه دلالا حتي وقعت في حب شاب، ولنصمت عن بقية قصة هذا الحب الذي ذكرته هي في مذكراتها الشخصية، لنعيش معها حياتها الفنية.
كان والدها تاجرا ميسور الحال لكن الدنيا لا تدوم علي حال، اضطرتها الظروف الي ان تنزل الي ميدان العمل وهي صغيرة فعملت في بعض حرف خياطة الملابس.

إلي القاهرة
في سنة 1910 قررت ترك لبنان والمجيء إلي عاصمة الفن والأدب، القاهرة وهي لم تزل في أول الصبا، وصلت مصر ولم تكن تعرف فيها أحدا وتمشت في شوارعها حتي قادتها قدماها وكانت معها أمها الي حديقة الأزبكية، وجلست في الحديقة تفكر ماذا بعد؟ وعلينا أن نتذكر هنا أمرين، الأول أن بديعة لم تكن غريبة عن مصر فقد كانت مصر وبلاد الشام وغيرهما، بلدا واحدا يتبع الخلافة العثمانية فلم تكن هناك معوقات لأن يقيم المصري في لبنان، ويقيم اللبناني في مصر.
الأمر الثاني الذي نريد ذكره، أن حديقة الأزبكية في تلك الأثناء كانت تموج بالصالات التي تقدم الفن المصري وكان أشهرها صالة سانتي التي كانت تغني فيها واحدة من أشهر مطربات مصر في ذلك الزمن: توحيدة، وهي نفس الصالة التي شهدت بداية شهرة سيدة الغناء المصري والعربي، أم كلثوم، وفي حديقة الأزبكية ايضا، كان هناك كشك الموسيقي الذي تعزف فيه موسيقي الجيش أعظم المؤلفات الموسيقية العالمية.
جلست إذن بديعة وأمها، كما ذكرت في مذكراتها تتأمل هذا الجو الرائع المحيط بها وهي فنانة بالسليقة، تعشق كل ما هو جميل في الحياة، وما لبثت بعد تفكير قصير أن فكرت في بلدياتها جورج أبيض الذي كان قد شغفه المسرح حبا، فكون فرقة تمثيلية يقدم فيها بعض الأعمال، فذهبت اليه وعملت معه في مسرحه فترة قصيرة، ثم انضمت بعد ذلك الي فرقة أحمد الشامي وكان فنانا مصريا، كون فرقة تمثيلية يجوب بها مدن ومراكز مصر يقدم مسرحيات فيها من الغناء والرقص ما يرضي ذوق المتفرج الشرقي، وفاقت بديعة مصابني كل بطلات الشامي برقصها وغنائها وتمثيلها لتكون هي البطلة.

إلي بيروت ثم القاهرة
كان نجاح بديعة مع فرقة أحمد الشامي كبيرا ومع ذلك تركت الفرقة وعادت إلي بيروت وفي لبنان واصلت مشوارها الفني بنجاح غنت ورقصت وأصبح لها اسمها في بلدها.
هناك مثل يقول، من شرب من ماء النيل لا بد من أن يعود ليشرب منه مرة أخري وهذا المثل انطبق علي بديعة مصابني التي عادت الي مصر مرة أخري، وفي هذه المرة أصبحت بطلة مسرح الريحاني الذي قدمها في عشرات المسرحيات الغنائية التي اشتهر بها مسرحه ومسرح علي الكسار في منتصف القرن العشرين عندما اثري الموسيقيون المصريون هذا المسرح بألحان رائعة ومنهم فنان الشعب سيد درويش والعبقري كامل الخلعي وإبراهيم رمزي وداود حسني ومحمد القصبجي وزكريا أحمد وغيرهم، المهم، أن بديعة في هذه الفترة الزمنية قدمت مع الريحاني عدة أعمال ناجحة منها، الشاطر حسن و الليالي الملاح و أيام العز و مجلس الأنس و ريا وسكينة و البرنسيسة وغيرها، وكانت قد تزوجت نجيب الريحاني وعاشا زمنا قصيرا في وفاق ثم دب الخلاف وانتهي بالطلاق.
وقد قست في حكمها علي الريحاني في حديث إذاعي أجري معها قبل وفاتها عن سبب هذا الفراق أو الطلاق.

ناظرة مدرسة الفن
عندما تم الطلاق بينها وبين نجيب الريحاني سنة 1925، عرض عليها صديق لها أن تعود إلي الرقص والغناء مرة أخري، بعيدا عن تمثيل الأوبريتات، وبالفعل أجر لها صالة في عماد الدين، وبدأت في تكوين فرقتها الغنائية الراقصة التي ولدت عملاقة بالفعل، فقد ضمت اليها أشهر مطربي ذلك الزمن، مثل فاطمة سري التي لحن لها صفر بك علي وكيل معمد الموسيقي العربية، أغنية:
رنة خلخالي يا امة
وأنا نازلة املا البلاص
الكل قال اسم الله، حتي العزول القاسي.
كما انضم للفرقة الفنانة الناشئة في ذلك الوقت والمطربة الكبيرة بعد ذلك نجاة علي واشتهرت في صالة بديعة بطقطوقتها.
سر السعادة في شفتيك
كما انضمت للفرقة الشيخ سيد الصفتي، الذي كان يجيد غناء الأدوار التي صاغها الرواد محمد عثمان وعبده الحامولي وإبراهيم القباني وغيرهم، ومن أهم الفنانات اللاتي نجحت بديعة في ضمهن لفرقتها الوليدة، مطربة القطرين فتحية أحمد ـ ولا ينسي المخضرمون أن فتحية كانت المنافسة الأولي لأم كلثوم عند ظهورهما معا:
وبجوار هؤلاء، استعانت بديعة في صالتها بالراقصين والراقصات الأجانب الذين كانوا يقدمون فصولا من الباليهات العالمية.
ومن لبنان جاءت بالراقصة الشهيرة حينئذ في بلدها ببا عز الدين واختها شوشو عز الدين وايضا عديلة التي لم تعمل بالرقص، كما جاءت بالمطربة رائعة الصوت ماري جبران التي كانت تجيد الموشحات والأدوار المصرية وكانت جميلة الوجه جدا لكنها في نفس الوقت زائدة الوزن جدا ولعل هذا كان سببا في عدم ذيوع شهرتها.

المدرسة
وغطت شهرة صالة بديعة علي كل صالات ذلك العصر، فكان هذا سببا في جذب العديد من الراقصات والمطربية والمطربات الي صالتها، فتركت تحية كاريوكا صالة سعاد محاسن من أجل بديعة وفريد الأطرش واسمهان تركا ماري منصور من أجلها وهجرت زينات صدقي محلات الإسكندرية كراقصة وانضمت لبديعة قبل أن تعتزل الرقص وتصبح من نجمات الكوميديا، وتزاحم في الصالة العديد من المطربين الذين أصبح لهم باع طويل في عالم الفن مثل إبراهيم حمودة الذي كان مطرب الفرقة الأول ثم جاء محمد فوزي ومحمود الشريف الذي كان يغني ويلحن في الصالة وتولي قيادة الفرقة الموسيقية واحد من ألمع الملحنين وعازفي القانون في ذلك الوقت وهو أحمد شريف ومعه زوجته سيدة حسن مطربة الأفراح كما قدم لها المطرب الناشئ انذاك أحمد عبدالقادر الذي اشتهرت له أغنية وحوي يا وحوي في نفس ذلك الزمن، وقدمت أساطين فن المنولوج الفكاهي وكان أشهرهم يومها موسي حلمي صاحب المنولوغ الشهير.
الدنيا هي، هي، والعيشة هي، هي
وسيد سليمان الذي قدم منولوغ:
كل ما اشوف بدلة جديدة.
والدويتو الفكاهي، حسين ونعمات المليجي وإسماعيل ياسين ويزولينا وثريا حلمي وشقيقتها المطربة ليلي حلمي، وكان الملحن الأول للفرقة الفنان عزت الجاهلي وكان والده الممثل عبد العزيز الجاهلي يمثل بعض المسرحيات وفيها تعرف علي بديعة.
وكانت بديعة تقدم بجوار الغناء الفردي والرقصات والمنولوغيات واسكتشات يشترك فيها كل أفراد الفرقة بالغناء والرقص وكانت هي بطلة مثل هذه الاستعراضات وكان هناك العديد من مشاهير المؤلفين يعملون معها، مثل، حسين حلمي المانسترلي وأبو السعود الأبياري ومحمود فهمي إبراهيم، والأخير كان أول من قدم لها منولوغ تقليد الفنانين وكان يكتب لها الاستكتشات الغنائية وعن طريقها تعرف علي فريد الأطرش وكتب له العديد من الأغاني، مثل (وحداني، ونورا نورا، وزينة زينة، ويا مقبل يوم وليلة) وغيرها.
ومما يذكر أن محمود فهمي إبراهيم هو الذي قدم في صالة بديعة أغنية يا خولي الجنينة ادلع يا حسن .
وغير هؤلاء كثير كانوا في صالة بديعة التي كانت بالفعل مدرسة للفن، فقد كانت صارمة قوية الشخصية إدارية من الطراز الأول.

أوبرا والجلاء
ولأنها طموحة فقد شيدت صالة حديثة وعلي أحدث طراز في ذلك الوقت في ميدان الأوبرا وكان يطل علي دار الأوبرا المصرية التي بناها الخديوي اسماعيل واحترقت منذ وقت.
وفي هذا المكان الحديث قامت بديعة بعمل أول مسرح دائري بحيث يري كل المشاهدين ما يجري علي المسرح وهم جالسون في أي مكان بالصالة وهذا البناء باعته بديعة إلي تلميذتها ببا عز الدين قبل أن تهرب من مصر بسبب مشاكلها مع الضرائب، وهذه الصالة المميزة هدمت أخيرا وشيد مكانها مبني تجاري.
وفي الصيف كانت بديعة تنتقل بنشاطها الي كازينو بديعة، مكان شيراتون القاهرة الآن حتي أصبح هذا المكان يشتهر باسمها وكانت العامة تسمي الكوبري الذي يوصل اليها، كوبري بديعة، وكان يتولي إدارته الفنان الشعبي سعد الله المصري.
ومما يذكر أن بديعة كانت علي صلة برجال الاحتلال الانكليزي وكانت تقدم أعمالا فنية ضد النازية والمحور.
حظها في السينما

لم يكن لها حظ في السينما ولم يكن لها نفس التوهج الذي نالته في عالم الاستعراض، قدمت عدة أدوار في السينما مع بنت بلدها ماري كويني أهمها فيلم أم السعد الذي أخرجه أحمد جلال وقامت ببطولة فيلم ملكة المسارح من اخراج الايطالي اريو خولبي وبطولة مختار عثمان وبشارة واكيم لكن الفيلم سقط سقوطا ذريعا فابتعدت عن السينما.
لكنها قامت بتمثيل عدة أفلام تسجيلية دعاية لشركات بنك مصر وخاصة شركة غزل المحلة، وأذكر أن فيلم المحلة قدمت فيه بديعة دور فلاحة تتعارك مع زميلتها التي تقوم بتمزيق جلبابها، ثم تقوم فلاحة أخري باهدائها جلبابا من صنع المحلة أحسن بكثير من ذلك الذي مُزق، فتغني وترقص مع المجموعة.
جلابيتي حلوة محلاوي .
ومما يذكر في هذا الشأن أن سيدة حسن مطربة الأفراح غنت ايضا لشركة غزل المحلة وفي نفس السنة.
لبسني من صنع بلادي، وأوهب لك روحي وكياني.
وكان الاقتصادي الكبير طلعت حرب باشا يبذل كل جهده من أجل تمصير الصناعة المصرية ويقوم بدعاية لكل شركاته وبكل الوسائل، حتي نجح في اقامة صروح صناعية عظيمة في مصر.

الهروب
في سنة 1949، طالبت مصلحة الضرائب بديعة مصابني بالضرائب علي مكاسبها طوال فترة عملها بمصر، حدثت مشاكل بسبب هذه الضرائب فرتبت بديعة حياتها علي الهروب بأموالها من مصر، وبالفعل استطاعت عن طريق اصدقائها أن تهرب الي لبنان وهناك اشترت مزرعة في شتورة وشيدت بها مزرعة دواجن وابتعدت عن الفن تماما حتي انتقلت إلي رحمة الله يوم 23 تموز/ يوليو 1976.
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg 11m24.jpg‏ (34.8 كيلوبايت, المشاهدات 23)
__________________
عايزنا نرجع زي زمان....قل للزمان ارجع يا زمان.

عودة الي الزمن الجميل. منير
رد مع اقتباس