الموضوع: أحمد عدويه
عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 30/04/2007, 11h11
Ahmadalex Ahmadalex غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:21325
 
تاريخ التسجيل: avril 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
العمر: 73
المشاركات: 6
افتراضي مشاركة: أحمد عدوية

هل أحمد عدوية هو القضية؟
أحيي جميع الفضلاء المشاركين، و أقول أن هذا الحوار يذكرني بحرص دولة الرومان القدامى على مراقبة الغناء وملاحظة التغيير فيه – خاصة الإيقاع – إذ كانوا يعتبرون ذلك دلالة على حدوث تغيرات جوهرية في بنية المجتمع.
وسوف أتناول في المساحة التالية بعض النقاط التي تم طرحها في مساهمة متواضعة مني لتأصيل المفاهيم التي تُطرح، لأنها من وجهة نظري البسيطة، تساهم بقوة في تعميق الفهم الثقافي لقضايا أكبر من الغناء، ومتعة الاستماع.
سأبدأ تعليقي على الأستاذ نبيل في مقارنته الذكية بين العشوائي والشعبي، وهي قضية من قضايا علم الاجتماع الأصيلة، إلا أني أحب أن أضيف أن العشوائي مجتمع حقيقي، فرضته ظروف اقتصادية، وهو مجتمع ينتج ثقافته (الشعبية) في إطار الظرف العشوائي الذي فُرض عليه، والذي يصبح بمرور الوقت جزءاً من فلكلور الأمة التي ينتمي إليها (سواء رضينا أم لا) ولعلنا لا ننسى مجتمعات إسكان المقابر التي كانت بدعة في السبعينات حتى استقرت وأصبحت واقعاً معتاداً، وأود الإشارة إلى:
أولاً: لم يكن هناك قبل الستينات لا تقدير ولا احترام من النخب للفلكلور (للأسف مررت أنا شخصياً بهذه المرحلة) و حتى الآن ظل التقدير متراوحاً، وكانت النظرة للفلكلور بشكل عام أنه نتاج (سوقي) حتى أن أعمالاً غاية في الرقي لم تجد من يمنحها حقها من التوثيق رغم أهميتها الفائقة (كأعمال عمنا عبد الله النديم) وحين بدأ تقديم الشعبي في الستينات الميلادية تم تقديمه من خلال عمل مؤسساتي، لما ساهم اليسار المصري في إيضاح قيمة (الشعبي) وتمت الاستفادة من خبرات السوفيت في هذا المجال، ولعل الأبرز من نتائج هذه الخبرات هو (الفرقة القومية للفنون الشعبية) لكن (وآه من قسوة لكن هذه) غرور وكبرياء الصفوة دفعها للتدخل في صيغة الشعبي، وتقديم تصورها الخاص له (أغاني الأبنودي -سيرة أدهم الشرقاوي وكيف قدمها محمد رشدي – التوبة وكيف قدمها عبد الحليم، وحتى رجل في حجم وروعة صلاح جاهين لم يفلت من هذا المطب) حيث نُظر نظرة متعالية للشعبي(بعبله) في حالته الطبيعية (ربما مفارقة، فالمثقف يرى في نفسه إلهاً من نوع ما) فقط أفلت بيرم التونسي لأنه كان موجوداً فلم يقترب أحد من أعماله الشعبية القديمة وجرى توثيقها كما هي، وتعيّشَ هو من الأعمال (التفصيل) التي تطلبها مؤسسات الإذاعة وشركات الإنتاج، وفي هذه المرحلة بدأ اختفاء أبو السعود الإبياري، وبديع خيري لأنهما أصبحا خارج المعادلة.
نفس النظرة يُنظر بها الآن لما يُقدم من فن شعبي، فعلى سبيل المثال أغنية (العنب) لسعد الصغير هي أغنية شعبية أصيلة وعريقة، من تأليف جمعي مما يطلق عليه علمياً (الغناء الإيروتيكي) الذي تحمل كلماته دلالات جنسية سواء على مستوى الإشارة للأعضاء، أو للفعل، وهذا الغناء من أهم منتجات القريحة الشعبية، ويتم تجاهله (خجلاً) أو ترفعاً، وبالتأكيد هذا فعل غير علمي.
ثانياً: اللغة المستخدمة قديماً أو حديثاً هي نتاج طبيعي للمتغيرات التي يمر بها المجتمع، واللغة السائدة الآن هي تعبير لساني أنثربولوجي شديد العمق عن أزمة ثقافية وحضارية تعكس رفضاً للواقع، وهذا الموقف هو إعادة إنتاج للسبعينات الميلادية وقتما ظهر عدوية بكلمات كركشندي وغيرها والتي قدمها كتاب من الصفوة التقطوها من الشارع واستخدموها -ربما عن وعي وربما دون قصد -كتعبير عن ردة فعل لهزيمتهم هم شخصياً في إطار السقطة الهائلة التي سقطتها الثقافة المصرية بعد هزيمة 67.
والآن حيث يعيش المجتمع المصري أكبر نكساته الاجتماعية بسقوط مشروع العدالة الاجتماعية (الذي هو مشروع شعبي في الأساس) تصبح اللغة العشوائية، والغناء العشوائي ردود فعل منطقية لمجتمع يغني وهو في حالة دوار؛ كرجل أصابته ضربة شديدة على الرأس لم تقتله ولكن أفقدته جزء من وعيه، وجزء من اتزانه، فأخذ يهلوس معتقداً أنه يغني.
علينا أن ندرك أننا نعيش مرحلة سقوط وتراجع للثقافة المصرية بصفة خاصة في إطار سقوط الثقافتين العربية والإسلامية (اللتان تساهمان بفاعلية في إهدار القيم الثقافية المصرية الحقيقية وعلى وجه الخصوص قيم الإبداع) وهذا ليس إدانة لأحد، بقدر ما هو إدانة لنا نحن المصريين، فنحن الذين نشتري الوهم بالحقيقة، والزائف بالأصيل، ونفسد الجميل بالقبيح، ونجلس بعد ذلك نشكو، وننسى أن الغناء وكافة الفنون ليسوا إلا جزءاً من ثقافة مجتمع، وهذه الثقافة يتم إنتاجها من داخل المجتمع نفسه، والمجتمعات الواعية أصبحت تدرك أن الثقافة يجب أن تُنتج إنتاجاً قصدياً (يحدث هذا في فرنسا على سبيل المثال) وذات يوم كان وزير ثقافتنا يطالب بالإنتاج القصدي للثقافة (الحقيقة لا أدري يطالب من؟) ولقاءه مع الإعلامي المبدع زاهي وهبي شاهد على ذلك.
يا عم أحمد عدوية .. شفاك الله .. قلبت علينا المواجع، وأوجعت قلوبنا .. الله يسامحك.
أحمد إبراهيم
:yoji: :chat:
رد مع اقتباس