أتذّكُرُ إذ
أتذّكُر إذ تُبرّعِمُ نُضرَةُ الكَلِماتِ مُذوَبَةً بعطرِ القلب
في شَفَتَيّكَ أغنيةً رَبِيعِيّه تُلعثِمُها طُيورُ الحب
بالرَبِواتِ سَنابِلَ غِبطَةٍ و خُطىً مُـجنَّحَةً بِأشّواقِك
إلى أينَ انّتهت أيامُكَ الخضراء
هل كانت لهذا العمر مرّقَاة إلى فِرّدوسِكَ الموعود
أم اِثاقلتَ في غفّله إلى الآثامِ و الشَّهَوات
فقَامَ الدّربُ في تيهٍ منَ العَثَراتِ و الظُلُمات
الكوُن ردَدَ
الكونُ ردَدَ خَاشِعَا مُتَبتّلا
سُبحَانَ ربّي فَالِقِ الإصباح
وتَنَادَتِ الأطيارُ في وَكَنَاتِها
و تَأوَّبَ الغُصنُ النَدي مُرَنّما
و الفجرُ أذّنَ للذُّرَى
و سَرى على الرَبَوَاتِ و الوَهَبَات
مَسَحَ النُعاسَ عنِ الجُفونِ بِراحَتيّهِ تَكرما
و أنارَ بِاسمِ اللهِ حالكِ الدُجىَ
فإلاما تبقىِ في سُباتِكَ راسف
في كهفِكَ الطيني بينَ
عسىَ وَ ليّتَ وَ ربَّما
إليّا
إليّا يا غُرَباءُ يا فُقَرَاءُ يا مَرّضَى
كسيرِ القلبِ و الأَضّلاعِ قدْ أنزلتُ مَائِدَتي
لِنأكُلَ خُبزَ مولانا وسيَّدِنا
إليّا أهديكُم إلى ربي
و ما يرّضَاهُ لي ربّي و يُرضِيه
إليّا
أم طال عليهم
أم طَالَ عَليّهِم في كلِ مكانٍ
من دنياهُم أمدُ الذّنبِ فما يرّجونَ نجاه
و تَغلّغَلتِ الغفّلةُ فِيهِم فهُمُ صرّعَاها
لا ينبِضُ عِرقٌ مِنهُم بِحَيَاه
فإذا رُدوا قصّراً لِلِقَاءِ اللهِ انتَبَهوا
فالدّهشةُ تغّمُرُهُم و الحسّرةُ تغّشاهُم نَدَما
إنَ حياةَ النفسِ لها دربٌ واحد
أن تبدأِ بِاسمِ اللهِ
وَترّقىَ لا تَتَلكّئ لا تَتَلفّت
بل تمّنَحُ هَذَا العُمّرَ الضّائِعَ معّناهُ و تمّضي قُدُما
سبحان من تظهر آياته
سُبحانَ من تظّهر في كلِ آن
آياتُهُ للمؤمِنِ السّاجِد
في كُلِ شئٍ لَهُ آيه
تِدُلُ في صِدّقٍ عَلى الواحِد
فَمن رأى الحقَ جَليَّا
سما إليّه
لا يلّوي على شهوَةٍ عابِره
و من هوى في إثمهِ يَظلُّ محجُوباً عنِ الآخره
ذاكَ هوَ الإنسان
تمضي بِهِ دنّياه
في رحّلَةِ محّتومَةٍ دائِبه
من أينَ للّخلّقِ إلى مُنتَهاه
يخّتارُ مسّعاهُ ليجزى بِه
حيّرتهُ تمّضي بِه
أو هُداه
مَاذا لو
مَاذا لو كُلُ الأشّياء
كما فَعَلوا فَعَلَت
لو أمسَكتِ السُحُبُ الغيّث
و أظّلَمت الشّمس
و مَاتَ النّهر وجفَّ الضّرع
و باتت كُلُ ينابِيعِ الأرّض جَلامِدَ صخر
تصّرُخُ لنّ نسّقىَ من لو شاءَ اللهُ سقاه
مَاذا لو
بَخِلَ الزَرّعُ فَلم يُعطي جَنَاه
و لِمَذا خُلِقَ الإنّسانُ إذا
إنّ لمّ يجّعل من أيّامِ العُمر رَبِيعَاً يَتَجدّد
يُعّطي بِاسمِ الله
لا يَتَلكّئُ حولَ مَتاعَ الزُخّرف
لا يَتَبدّد
كيفَ و قدّ أوتَينَا هَذا العُمرَ لِكي نحّياه
كي نُنفِقَهُ باسمِ اللهِ يَنَابيعَ عَطاء
تَتَدفّقُ بالّخصبِ و بالّرحّمة في كُلِ الأرّجاء
قَدْ كُنتَ عِطراً
قَدْ كُنّتَ عِطّراً نائِماً في ورّدَتِه لِمن سَكبت
وَ دُرَةً مَكنونَةً في بحرِها لِمن كشفّت
وَ هَل يُساوي العالمُ الّذي وَهبتَهُ دَمك
هَذا الّذي وَهبت
سِرنا مَعاً على الطّريِقِ صاحِبين
أنّتَ سبقت
أحّببتَ حتىَ جُدتَ أنّت بالّعَطاء
لَكِنَني ضَننت
ربِاهُ لا أسّطِيعَ أن أمُد ناظِري
يجول فيُ روحي وفي خواطِري
لو كانَ لى بعضُ يقينِك
لَكُنت منصوبا إلى يمينِك
لكنني استبقيت حين أنتحمت عمري
و قلت لفظا غَامِضا معّناه
لما رمَوّك في أيدي القضاه
أنا الذي قتلّت
__________________
دَعْ عَنكَ تَعنيفي و ذقْ طعمَ الهوَى
فــإذا عَشِـقـتَ فبَـعـدَ ذلــكَ عَـنـِّـفِ