عرض مشاركة واحدة
  #233  
قديم 27/01/2012, 12h32
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي



تسجيلات جقماقجي كلمات جميلة رسخت في الذاكرة العراقية .. وكانت تتردد في بداية كل اسطوانة من تسجيلات هذه الشركة العراقية العريقة .


لم يدر في خلد المرحوم الحاج فتحي جقماقجي ان هوايته في جمع اسطوانات الغناء المتداولة بشكل محدود انذاك، ستصبح في يوم ما واحدة من اهم مصادر التراث الموسيقي والغنائي العراقي، فلم يكن الشاب فتحي موسيقيا او مطربا، بل مجرد مصلح اسلحة لاتعدو عن كونها بنادق بدائية قديمة مصنوعة في اسطنبول كان يستخدمها الجيش العثماني انذاك، وقد سعى لامتلاك احد(الكرامافونات) التي تعمل بالكوك (الزمبلك ) كونه هاويا لسماع الموسيقىوالغناء،فترسخت الهواية لديه وهاجرالى بغداد وأسس اول شركة اسطوانات في العراق والمنطقة، وظل لقب الجقماقجي الذي حصل عليه من اسطنبول ملازما له حتى وفاته.

اذ جاءت التسمية من صوت البندقية عند حشوها خلال عملية التصليح وتجربتها قبل تسليمها الى الزبون، فهي عندما تفتح تصدر صوت (چق) وعندما تغلق (ماق) وعنداطلاقها (چي) وكان الناس يسمون مصلح الاسلحة في تركيا جقماقجي ككلمة شعبية دارجة على من يعمل في تصليح البنادق في الاسواق وليس في الجيش فقط، في ذلك الوقت كانت الاغنيات تسجل على الاسطوانات الحجرية التي تعمل على الكرامافون اليدوي، فعمد الجقماقجي بتأسيس ستوديو تسجيل خاص بالشركة التي اسسها، وبدأ بتسـجيل حفــلات المطربين الخاصة، في وقت لم يكن اي ستوديوتسجيل في العراق، عدا ستوديو الاذاعة اللاسلكية، اذ كانوا يستضيفون المطرب والفرقة الموسيقية والكورس معا، ثم ترسل نسخة التسجيل الى معامل صناعة الاسطوانات الحجرية فياليونان ليتم استنساخها حسب العدد المطلوب لتعاد بعدها الى العراق فتتولى الشركة تسويقها، وقد راجت عملية تداول الاسطوانات في الاسواق وخاصة بعد ان اصبحت تصنع من مادة البلاستيك، من ابرز المطربين الذين سجلت اغانيهم على اسطوانات الشركة، داخل حسن، ومسعود العمارتلي، وحضيري ابو عزيز، وناظم الغزالي وبقية المطربين والمطربات.

تاسست الشركة بشكل رسمي في العام 1918 في بغداد باسم( شركة الحاج فتحي جقماقجي واولاده) وفي بدايتها كان الاهتمام منصبا على الاستيراد للمواد والاجهزة الكهربائية ومن ضمنها “الحاكي الكرامافون” و الاسطوانات حتى تطور الامرالى تسجيل اغاني المطربين العراقيين والعرب، وقد تعلم اولاد الحاج فتحي (عبدالله ونجم الدين) اسرار المهنة فاصبحوا كثيري السفر الى القاهرة لعقد الاتفاقات مع المطربين والمطربات لتسجيل اغنياتهم في ستوديوهات مؤجرة ثم ترسل الى الخارج لطبعها على اسطوانات وتكون الحقوق محفوظة لشركة چقماقچي.

بعد وفاة مؤسس الشركة تسلم ادارتها ولده عبدالله فتحي چقماقچي، وكان مولعا بأغلب المطربين المصريين وبالاخص عبد الوهاب وأم كلثوم، واحتفظ عبد الله بنسخ اصلية لتسجيلات نادرة كانت تغلط فيها ام كلثوم فتعيد التسجيل اكثرمن مرة وهي جزء من مكتبة صوتية ضخمة فيها اكثر من تسجيل للاغنية الواحدة، بالاضافة الى الاشرطة التي تسجل الاحداث والوقائع النادرة، وهي مازالت موجودة لدى احفاده، وقد عرضت الحكومة الكويتية عرضا لشرائها في سبعينيات القرن الماضي، الا ان حفيد چقماقچي رفض بيعها رغم المبالغ الكبيرة التي دفعها الكويتيون اذ اعتبرها ثروة وطنية ثمينة وجزءا من تاريخ الشركة والتراث العراقي.


موقع الشركة بشارع الرشيد

اتخذت محال چقماقچي في بداية شارع الرشيد من جهة الباب الشرقي موقعا متميزا لها وكانت مرجعا لطلبة معاهد الموسيقى والغناء في بغداد والمحافظات، وكذلك لجميع هواة الموسيقى والغناء، آلاف الاسطوانات وأشـرطة الكاسيت لمختلف المطربين العراقيين والعرب المشهورين وغير المعروفين وكان لها فرعين احدهما في ساحة الغريري قرب عكد النصارى واصبح محلا لبيع مكائن الخياطة والاخر في مدخل شارع المتنبي من جهة شارع الرشيد واصبح مطعما فيما بعد .

وفي كثير من الاحيان كانت الاذاعة والتلفزيون تستعين بتسجيلات جقماقچي لتقديم بعض البرامج الفنية التي لاتجد لها ارشيفا في مكتبتها الحكومية، وكباقي الرموز التراثية التي اندثرت بسبب الاهمال وعدم الاهتمام من قبل المؤسسات الرسمية المعنية، لم تستطع اخر بقايا اول شركة تسجيل فيالعراق من مقاومة رياح التجدد في تقنيات علم التسجيلوالسماع وبروز اقراص السي دي و الدي في دي وأنظمة البلوتوث وغيرهما من الوسائل الاخرى، لكن السبب الحقيقي و الرئيس في تلاشي شركة جقماقجي للتسجيلات هو لامبالاة القائمين على المؤسسات التراثية وتركها لوحدها تواجه مختلف التجاوزات والمضايقات ما جعلها تغلق ابوابها في اواخر التسعينيات ولم يبق منها سوى الاسم الذي مازال عالقا في اذهان محبي الموسيقى والغناء

والكارثة الكبرى حصلت بعد الاحتلال اذا تعرض المعرض الرئيس للشركة بداية شارع الرشيد قرب جسر الجمهورية الى التخريب والسرقة وهو الان محل لبيع الالبسة الرجالية بعد ان كان في يوم ما قبلة الفن ومزار الفنانين ومتذوقي الموسيقى والغناء الاصيل واضحت اغاني البرتقالة والبيتنجانه سيدة الساحة الغنائية الان .





وباغلاق محلات جقماقجي اصبح ارشيف الغناء العراقي الاصيل وايام الزمن الجميل في خبر كان ......


تحياتي ...

قصي الفرضي / العراق بغداد
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg Picture1.jpg‏ (53.9 كيلوبايت, المشاهدات 138)
رد مع اقتباس