إعلان دعائي نادر
هذا الإعلان الدعائي الذي يعود إلى عام 1930 بقيمة تاريخية جد هامة ، نرفعه في متحف فريد الأطرش على منتدى سماعي لأنه يصلح لتطبيق منهج استقراء التاريخ من خلال الوثائق .
الإعلان الذي يعود بنا إلى مرحلة من مسيرة فريد الأطرش الفنية في بداياته حين كان يغني بصالات ذلك الزمان مثل صالة ماري منصور وصالة بديعة مصابني عبارة عن دعاية لحفلة تقام بتياترو برنتانيا وهو إحدى صالات شارع عماد الدين الشهيرة ، وهذه الصالات عرفت عصرها الذهبي ما بين الأزمة العالمية في بداية الثلاثينات إلى بعيد نهاية الحرب العالمية الثانية ، وكانت مرتعا لللهو والأنس بسبب إقبال أغنياء الحرب وجنود الاحتلال البريطاني .
يرد في الاعلان لقب لفريد الأطرش وهو البلبل الصداح ، ونعجب حقا أن فريد حاز هذا اللقب حتى قبل شهرته المدوية ، وقد لازمه هذا اللقب بعد شهرته وسمع في فيلم إنتصار الشباب على لسان بشارة واكيم صاحب الصالة الشامي في الفيلم ، ثم إن لقب بلبل الشرق لازم فريد طيلة مسيرته الفنية الطويلة .
مما ورد في الاعلان أيضا فريد بك الأطرش ، والمعلوم أن الألقاب في ذلك الزمان رسمية ولاتمنح إعتباطا وإنما بكيفية تراتبية أفندي وبك ثم باشا وتظهر إلى حد ما درجة الوجاهة الاجتماعية التي كانت لفريد الأطرش .
في الإعلان أيضا إشارة إلى لقب آخر لفريد الأطرش وهو مطرب الراديو في القاهرة ، وحين نعلم أن فريد لم يصافح صوته الجمهور العريض إلا مع ياريتني طير عام 1934 نعجب فعلا كيف عرف بلقب المطرب سنة 1930 ، والسبب هو أنه كان يغني في الإذاعات الأهلية وكانت إذاعات غير نظامية إستقطبت أشهر الأسماء الكبيرة في مجال الطرب لكنها أيضا تميزت بالفوضى فيحكي الناقد كمال نجمي أن الشيخ محمود صبح كان يغني في إحدى هذه الاذاعات وأثناء الغناء كان يقطع وصلته ويخاطب عبد الوهاب وأم كلثوم قائلا سامع يا عبد الوهاب سامعة يا أم كلثوم دول 16 مقام أنا عايز 13 مقام بس . وفريد كما حكى ذلك في لقاءاته الصحفية غنى في هذه الاذاعات فكان يردد المواويل الشامية ومواويل المطرب الشعبي محمد العربي وبعض أغاني محمد عبد الوهاب ، بعدها أصدرت الحكومة المصرية عام 1934 قرارا بإغلاق هذه الإذاعات وإنشاء الإذاعة المصرية التي عين الموسيقار مدحت عاصم مديرا فنيا لها ، ويذكر التاريخ أن فريد وجد صعوبة بالغة للإعتماد كمطرب في الإذاعة وإكتفى في الشهور الأولى كعازف يصاحب أخته أسمهان أو يقدم وصلات عزف منفرد على العود .
عبارة يحييها لأول مرة وآخر مرة قبل سفره الى البلاد السورية من الكليشيهات السائدة في إعلانات دلك الزمان وكانت من توابل المرحلة أما اليوم فأصبحت الإعلانات إلى حد ما وقورة وتحترم شيئا ما ذكاء الجمهور.