قد يكون عبد الوهاب صاحب أعذب صوت رجالي.
وقد يكون صاحب أنقى صوت
لكن يقينا لم يكن صاحب أقوى صوت
أنا من عشاقه، وتراثه كله موجود ومسجل، فلتقل لي أخي الكريم: في أي تسجيل لعبدالوهاب وفي أي أغنية تحديدا ظهر عبدالوهاب كصاحب أقوى صوت؟
لا يكفي أن تحيلنا إلى كتاب معين، أرجو أن تحيلنا إلى تراث عبدالوهاب المسجل، والغناء فن يدرك بالسماع، فلا يصح أن نتهم آذننا لأجل رأي في كتاب، لاسيما أن مصادرنا العربية دائما ليست دقيقة.
أما أنا فأحيلك إلى قسم الإنشاد الديني في منتدانا، واستمع بنفسك إلى أي توشيح للشيخ إبراهيم الفران، أو أذان على محمود، أو الجوابات المستحيلة للشيخ كامل يوسف البهتيمي.
لم تكن عظمة عبدالوهاب يوما في قوة صوته، وإنما كانت في أدائه الفذ المعجز، وإحساسه العميق بالمعنى، لذلك احتفظ بعظمة صوته مع كبر السن وتوالي السنوات.
وفي ظني أنه لا يوجد مطرب، بل لايوجد صوت عربي استطاع أن يؤدي الغناء من الطبقات الخفيضة جدا، ومن قرار القرار مثلما استطاع ذلك محمد عبدالوهاب.
لقد تعلم كل المطربين العرب من عبدالوهاب أن الغناء ليس مصارعة بين حناجر زاعقة، أو تنافسا على أداء الجوابات العالية، وحتى أم كلثوم نفسها ورغم قدراتها الخارقة أدركت هذه الحقيقة، وجل التراث الكلثومي المسجل ينتمي إلى الطبقات الصوتية المتوسطة، مع المرور أحيانا إلى المناطق الحادة.
كان عبدالوهاب مهذبا جدا في أدائه، يقتصد في العرب والتصرفات، وكان مرهف الإحساس، راقي الفكر.
لكنه لم يكن أبدا صاحب أقوى صوت.
تحياتي