عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23/09/2006, 22h38
adham006
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي عن الغناء الشعبي المعاصر

اليساريون الشباب أعادوا الاعتبار لتجربته الفنية ... هل يعوّض أحمد عدوية الوقت الضائع؟


من يتابع الساحة الفنية اليوم، يخطر في باله سؤال بديهي: لماذا لم ينتبه أحد بعد إلى عودة نجم الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية إلى الغناء؟ خصوصاً أن عودته جاءت هذه المرة بشريط مصور على طريقة «الفيديو كليب» تعرضه الفضائيات العربية بإلحاح. الأغنية هي «ولا هو ولا عشق» تأليف الشاعر بهاء الدين محمد وتلحين حسين محمود وإخراج وليد محمود الذي ولف مجموعة من المشاهد، اصطفاها من أجواء المقاهي الشعبية في القاهرة، وحرص كذلك على إظهار عدوية المخضرم في طريقتــــه اللافتــــة في الأداء. إلا أنه ظهر أيضـــــاً مع علامات تعطيـــه شرعية الانتســــاب إلى الجيل الجديد بعد أن ارتدى «تي شيــرت» ملوّنـــاً و»غطاء رأس» شبابياً جداً.
قد تشكل الأغنية الجديدة مناسبة لإعادة تقويم الدور الذي لعبه عدوية في الغناء المصري في الثلاثين عاماً الأخيرة، وهو دور تعرض إلى «إساءة فهم» لا سيما من قطاعات كثيرة من فصائل اليسار المصري، اختارت أن تحمله وحده فواتير مناخ «الانفتاح الاقتصادي» الذي عاشته البلاد في السبعينات وغيّر الكثير من القيـــم والمعاييـــــر. ورأت قطـــــاعــــات كبيرة من «النخبة» إلى عدوية وطريقــــة غنائه كممثل لطبقة اجتماعية كانت تبحث لها عن دور.
ولعل بعضهم يتذكر المقالات الكثيرة التي كتبها كاتب لامع مثل صلاح عيسى ولم تخل من محاولات للسخرية من عدوية ونتاجه الفني. في المقابل، كان هناك رأي مناقض، عبّر عنه بحماسة كبيرة نجيب محفوظ الذي كان من أبرز المدافعين عن موهبة عدوية وصوته الشجي الذي وجد أيضاً رعاية وترحيب من مواهب كبيرة في مجالها مثل مأمون الشناوي وصلاح جاهين وبليغ حمدي وسيد مكاوي، وصلت إلى حد التعاون معه في أغانٍ يمكن النظر إليها الآن كأعمال «كلاسيكية».
واستطاعت أسماء كانت أكثر حساسية في التعامل مع ظاهرة «عدوية»، الفصل بين ما هو سياسي وما هو فني فيها، على عكس كثيرين غيبوا أي شكل من أشكال التعامل الموضوعي معها بتأثير الحمى التي قادتها النخب المصرية للانتقام من سياسات الرئيس السادات، وهي حمى تكفل الزمن بإزاحة الكثير من مبرراتها ضمن منظومة شاملة من المراجعات، طاولت أخيراً النخب اليسارية. وعبرت مجلة «البوصلة» التي يصدرها ناشطون يساريون من الجيل الجديد في مصر عن هذا التحول من خلال نقاش حول «ظاهرة عدوية» أداره مصطفى وافي وخلص إلى إنصافه.
إعادة اعتبار؟
وعملية إعادة الاعتبار الى تجربة صاحب أغنية «زحمة يا دنيا زحمة» لا تندرج خارج سياق التحولات التي أصابت الخطاب النقدي كله والقبول بما طرحته «أشكال ما بعد الحداثة» من نظريات سعت إلى نسف التمييز الأكثر قدماً بين الثقافة الرفيعة وبين ما يسمى الثقافة الشعبية أو الجماهيرية، «بل قامت بدمجها إلى درجة أنه يصبح من الصعب رسم الحد الفاصل بين الفن الرفيع والأشكال التجارية».
لكن هل يمكن أن نشير إلى عدوية كرائد حقيقي لموجة من الغناء، والممثل الشرعي للثقافة الشعبية التي لم تخضع فنها لأي شكل من أشكال الرقابة المؤسساتية؟
الأكيد أن عدوية هو المطرب الذي كرس نجومية مطربي «الكاسيت» وصنع شرعيتها التي لم تكن موجودة من قبل، وهي شرعية استفادت منها الأسماء الكبيرة. وكانت أغنيته الشهيرة «سلامتها أم حسن»، أول أغنية في عام 1973، تحقق النجاح الاستثنائي، إذ وصل توزيعها إلى مليون نسخة. واللافت أن شركة الإنتاج التي احتضنت عدوية وهي «صوت الحب» كانت الشركة ذاتها التي ساندت فرق «الغيتش»، و «المصريين»، و «الفور أم»، وهي فرق غنائية حاولت تقديم أنماط مغايرة سعياً إلى تحديث الأغنية المصرية وتبني موضوعات جديدة خارج ثنائية (الهجر والحب) التي طحنت الأغنية المصرية طوال قرن كامل.
وهذا النجاح لم يغب عن عبدالحليم حافظ الذي ساند عدوية بقوة حتى انه غنى معه عام 1976 في حفلة واحدة. وفي وقت غنى عبدالحليم حافظ «السح الدح أمبو»، غنى عدوية «خسارة فراقك يا جارة».
ولعل النقطة الأهم التي تشير إليها نقاشات اليساريين الجدد في «البوصلة» هي تلك القراءة الفريدة لمبررات لمعان عدوية في سنوات السبعينات، وهي قراءة استطاعت التخلص من الإرث
«اليساري» التقليدي في قراءة الظاهرة. إذ اعتبروا الأغاني التي قدمها عدوية ذات «طابع احتجاجي»، لكن المشكلة ان مثقفي الطبقة الوسطى قاموا بترميز الأغاني لإدارة معركتهم مع الدولة من خلالها. وفسروا أغنية «سلامتها أم حسن» على انها أغنية وطنية، وفي هذا التفسير أصبح عبدالناصر الشاطر حسن، وأصبحت مصر هي أم حسن وأصبح «الدور اللي ماشي» هم «السوفيات». كما تم تفسير أغنية «حبـــة فوق وحبـــة تحت» تفسيراً طبقياً.
ومع انحسار ظاهرة عدوية في منتصف الثمانينات، بسبب أزمة صحية طارئة كانت ظاهرة «الكاسيت» التي أكدت نفسها وحفرت لأغانيه مسارات جديدة، وأعيد توزيع غالبية أعماله في شكل جديد. لكن السنوات نفسها أفرزت أسماء مثل حسن الأسمر وحكيم ومجدي طلعت، مضوا في سياق مغاير، وكانوا أولاد تحولات مختلفة في طريق الغناء وآليات إنتاجه، قادت إلى مرحلة «الفيديو كليب» التي حاول أحمد عدوية اللحاق بها في أغنيته الجديدة لكن لهاثه فيما يبدو جاء في الوقت الضائع.
سيد محمود الحياة - 13/05/06//

رد مع اقتباس