الموضوع: أغداً ألقاك
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16/04/2009, 17h47
الصورة الرمزية الألآتى
الألآتى الألآتى غير متصل  
المايسترو
رقم العضوية:1323
 
تاريخ التسجيل: avril 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 68
المشاركات: 2,483
افتراضي أغداً ألقاك

بسم الله نبدأ فى تحليل قصيدة ( أغداً ألقاك ) ..

فى الحقيقة .. قبل أن أبدأ فى تحليل القصيدة نغمياً ومقامياً .. لابد أن أذكر أن هذه ثانى قصيدة عاطفية يلحنها عبد الوهاب لأم كلثوم .. وسنلاحظ الفارق الكبير فى أسلوب تلحين القصيدتان .. فبعد الهجوم والنقد الذى صادف القصيدة الأولى ( هذه ليلتى ) .. حاول عبد الوهاب أن يتجنب كل ماوقع فيه من أخطاء ( حسب وجهة نظر النقاد ) .. وقدم لنا لحناً جيداً .. وإن كان ليس بمستوى ألحان السنباطى ( متخصص قصائد أم كلثوم ) ..


هنالك شئ أخر أحب أن أنوه إليه .. نلاحظ فى هذه القصيدة كثرة الردود الموسيقية بين المقاطع .. لدرجة أن أم كلثوم كانت تؤدى جملة واحدة أو كلمة يعقبها رد من الفرقة الموسيقية .. وهذا يُحسب لعبد الوهاب حيث أنه راعى السن المتقدم لأم كلثوم .. وعدم إستطاعتها غناء الشطرات الطويلة دون راحة ..

الكلمات للشاعر : الهادى أدم

والألحان للموسيقار : محمد عبد الوهاب

إستعمل عبد الوهاب مقام العجم ( الميجور ) ليبدأ به لحنه .. وقدم مقدمة موسيقية طويلة .. حيث قامت أكثر من آلة موسيقية بالعزف المنفرد ( صولو ) .. وتنقل عبد الوهاب ( كعادته ) بين المقامات بطريقة سلسة ومتميزة فى نفس الوقت ..

كما إستعمل إيقاع ( الرومبا ) لبداية اللازمة الموسيقية .. ولم يكتفى بالرومبا على أى حال .. فإستخدم المقسوم والواحدة الكبيرة .. وقدم لنا وجبة دسمة .. إستعرض فيها عضلاته الموسيقية .. وتبدأ أم كلثوم الغناء فى مقاطع قصيرة من نفس مقام العجم .. ولكنها تذهب للحجاز عند ( أه كم أخشى غدى هذا ) .. وتذهب أيضاً للكرد ثم تعود للعجم مرة أخرى لتنهى المذهب ..

كعادة عبد الوهاب .. لا يستقر على مقام .. رايح جاى .. رايح جاى .. يلمس هذا المقام .. ويعود من طريق أخر .. زيارات قصيرة ومتلاحقة للمقامات .. وهكذا ..

لايترك لنا فرصة لإلتقاط الأنفاس .. عندما تحاول أن تعرف المقام الذى إستقر عليه .. تجده ذهب لمقام أخر .. وجملة لحنية أخرى .. الرد الموسيقى لا يتكرر مرتان .. لديه حصيلة من الجمل اللحنية لا تنتهى ..

تبدأ الفرقة فى أداء اللازمة الموسيقية قبل الدخول فى الكوبليه الأول .. نفس الطريقة فى العمل .. صولوهات من مختلف الألآت .. ترد عليها الفرقة .. ( جيتار ، أكورديون ، ناى ، قانون ، كمان ) .. أعطى لكل عازف الفرصة ليبدع ويُظهر مقدرته ..

هذه اللازمة من مقام الصبا .. وبالتحديد .. من الدرجة الثالثة لمقام العجم ..

وتغنى أم كلثوم هذا الكوبليه من نفس المقام ( الصبا ) .. ولكن هل تستقر على الصبا فقط .. هيهات .. وكلا وألف كلا ..

تذهب للبياتى عند ( كم أناديك ) .. وتعود للصبا مرة أخرى .. حتى ( فأت أو لا تأتى ) .. حيث تعود للعجم حتى تنهى الكوبليه ..

وبين هذا وذاك .. لابد من عُربة هنا .. ولمسة هناك .. مع تغييرات فى الإيقاع .. لامجال هنا للملل .. تتابع لحنى ونغمى لا يترك لك فرصة للسلطنة .. حيث أن هذا اللحن عملية إستعراض كما ذكرنا ..

نأتى الأن للكوبليه الأخير .. حيث إستعرض عبد الوهاب فى هذا الكوبليه كل إمكانياتة .. ونسمع هنا الصولو الشهير الذى قام بعزفه ( الجيتار ) .. ونسمع لأول مرة ( العود ) فى محاورة مع الوتريات .. بصراحة ياجماعة .. هذه اللازمة الموسيقية ينبغى تدريسها فى المعاهد الموسيقية ..

لدينا الأن مقام جديد لم يستعمله عبد الوهاب بعد .. هو مقام النهاوند .. والملاحظ هنا .. أن عبد الوهاب إستعمل النهاوند فقط فى هذه اللازمة .. سيقول قائل .. أن هذه ليست عادة عبد الوهاب .. أن يستعمل مقاماً واحداً فى لازمة موسيقية طويلة .. خاصة أن بها أكثر من صولو ( عزف منفرد ) .. ولكن هناك سر لايعرفه إلا المتخصصون ..

عبد الوهاب إستعمل النهاوند بجميع أشكاله .. إستعمل النهاوند الطبيعى .. إستعمل النهاوند الكردى .. إستعمل النهاوند المرصع .. مما أدى فى النهاية لتمتعنا بسماع جمل تلحينية مختلفة ومن مقامات مختلفة وإن كانت من نفس الفصيلة ..

وتغنى أم كلثوم ..

فى الحقيقة .. هناك كلام كثير فى هذا الكوبليه .. كلام عن شطارة عبد الوهاب .. وعن جنونه الموسيقى بذات الوقت ..

تغنى أم كلثوم بداية الكوبليه من النهاوند .. حلو كده .. حلو ..

تؤدى الفرقة الموسيقية جملة قصيرة لتعيد أم كلثوم الشطرة مرة أخرى .. ثم تؤدى الفرقة نفس الجملة الموسيقية الأولى لتنهيها بمقام جديد هو مقام ( النوا أثر ) .. حتى يخيل لنا أن أم كلثوم ستغنى من نفس المقام .. ولكن نجد المصيبة .. تغنى أم كلثوم من مقام الراست ( الدرجة الخامسة للعجم ) .. وهذه شطارة وصنعة من عبد الوهاب .. أراد أن يصل بنا إلى الراست من الدرجة الخامسة للعجم .. ( وهذا غير طبيعى ) .. فذهب للراست عن طريق النوا أثر .. وهذا مانسميه ( كوبرى ) .. أى إستعمال مقام ثالث للربط بين مقامين غير متجاورين ..

تغنى أم كلثوم ( فارحم القلب الذى يصبو إليك ) .. من مقام الراست .. ويستمر عبد الوهاب مع الراست كنوع من العِشرة .. ويقوم بزيارة مقام الهزام زيارة قصيرة ويعود للراست مرة أخرى .. ثم يستخدم الحجاز ككوبرى للعودة مرة أخرى لقواعده .. وينهى القصيدة بالعجم .. حيث بدأ ..

جرعة مكثفة من المقامات والتحويلات والجمل اللحنية المُشبعة .. التى راعى فيها عبد الوهاب ظروف أم كلثوم المرضية ( أيامها ) وإنخفاض طبقاتها الصوتية ..

لعلى أكون وُفقت فى التحليل .. وألتمس العذر من الأخوة الموسيقيين إذا كان هناك بعض الهفوات ..
__________________
مع تحياتى .. محمد الألآتى .. أبو حسام .


رد مع اقتباس