عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 07/06/2008, 01h26
الصورة الرمزية الألآتى
الألآتى الألآتى غير متصل  
المايسترو
رقم العضوية:1323
 
تاريخ التسجيل: avril 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 69
المشاركات: 2,483
افتراضي رد: على عودى لحن عبقرى للسنباطى

بسم الله نبدأ فى تحليل أغنية ( على عودى )


كلمات : حسين السيد

ألحان وغناء : رياض السنباطى

بداية .. أحب أن أشكر أستاذى الدكتور ثروت غنيم .. لإختياره هذه الدرة الثمينة من محلات رياض السنباطى الكبرى للمجوهرات ..

فى الحقيقة .. لقد فكرت بالفعل أن أخرج عن المألوف فى تحليلى لهذه الأغنية .. ليس لأن الدكتور ثروت طلب ذلك فحسب .. ولكن لأنها تستحق بالفعل أن يصاغ لها تحليل خاص .. ولأن المسألة لا تقف عند التحويلات المقامية فقط .. ولكنها تتعدى ذلك بكثير ..

من بداية العمل .. يتضح أسلوب السنباطى المحبب والمميز فى تفخيم وتضخيم المقدمات الموسيقية لأعماله ..

وبالرغم من أن هذا العمل تم إنتاجه فى سنة 1952 أو ربما قبل ذلك .. فإن السنباطى إستخدم كل المتاح من ألآت الأوركسترا .. وخاصة الوتريات ..

إختار السنباطى مقام النهاوند ليبدأ منه لحنه ..

نسمع فى بداية العمل عزف منفرد من آلة الكمان ( صولو ) .. ثم حوار جميل من القانون بمصاحبة الوتريات ..

ومع دخول الإيقاع ( ثنائى الميزان ) نشعر بهجوم الوتريات بعرضها الكامل .. وبعدها يصمت الإيقاع .. ليستمر السنباطى فى مقدمته .. دون أى إنتباه للزمن أو لمساحة العمل ككل ..

فالسنباطى يعمل دائماً وكأنه يضع كل مايعرفه من جمل موسيقية فى هذا العمل .. لا يدخر شيئاً لأعمال أخرى .. وعندما يبدأ فى عمل أخر .. نجد جمل جديدة .. وكأنه معين لا ينضب ..

نسمع أهات الكورال قبل الدخول فى الغناء .. وهذه سمة أخرى من سمات السنباطى فى أعماله ..

وإسمحوا لى أن أعرض عليكم كلمات الأغنية حتى نتابع سوياً تعبير السنباطى عن معانى الكلمات ..


على عودى أنام وأصحى .. وليالى العمر دى شهودى

عشقت الناس فى ألحانى .. وكان فى العشق ده خلودى

يطوف السحر فى عنيا .. فى وقت ركوعى وسجودى

دموع حارمها من عينى .. وأبدرها على عودى

***

ولما الدنيا ترميلى .. سلاح الشوق وتحكيلى

عرايس الفكر بتجيلى .. على الأوتار تغنيلى

أسيب الناس فى دنيتهم .. وأخد نغمى وألحانى

وأبات سهران فى حيرتهم .. أنا والعود ووجدانى

***

ويفوت عليا الجمال .. والقلب بيشاهد

ألوان تهز الجبال .. وتفتن العابد

شفايف نايمه وبتحلم .. وفوق منها الكلام صاحى

ونظرة عين فيها البلسم .. يقول للعين قومى إرتاحى

***

وشعر جميل نسيمه عليل .. وليله طويل على المشتاق

وخصر نحيل ساعة مايميل .. دموعى تسيل من الأشواق

أدارى العين بمنديلى .. وأخاف لاالشوق يناديلى

ساعتها عرايسى بتجيلى .. على الأوتار تغنيلى


إنتهت الكلمات ..

هل أطمع منكم أن تخبرونى .. ماذا يستطيع السنباطى أن يفعل فى مثل هذه الكلمات ..

لقد شحذ السنباطى كل أسلحته النغمية فى مواجهة هذا الإبداع الصادر من عمنا حسين السيد ..

وعبر عن الكلمات أحسن تعبير ..

أنظروا كيف بدأ بمقدمته الموسيقية الفخمة .. وكأننا سنستمع لقصيدة عصماء .. ولكنه يريد أن يشعرنا بأهمية الموضوع ..

بدأ الغناء من نفس المقام ( النهاوند ) .. ولكنه ينهى المذهب على مقام الراست .. تحويلة ونهاية مقصودة ..

أنظروا كيف يعبر عن الكلمات .. بدأ بالنهاوند .. ولكنه عندما وصل إلى ( دموع حارمها من عينى ) تحول للراست .. المقام الشرقى الأصيل .. وأبو المقامات الشرقية ..

لقد رأى أن النهاوند كمقام غربى لايصلح للتعبير عن الدموع والأهات .. فتحول للراست ليعبر كيفما شاء ..

صحيح أن بعض الملحنين إستخدموا النهاوند فى تلحين شطرات حزينة مثل ( تخونوه ، خسارة .. ألخ ) .. ولكن السنباطى بصفته ملحن شرقى يعشق الأصول .. يحب دائماً أن يستخدم المقامات حسب طبيعتها الأصيلة ..

يعود للنهاوند مرة أخرى فى بداية الكوبليه الأول ( ولما الدنيا ترميلى .. سلاح الشوق وتحكيلى ) ..

ولكنه سرعان مايتحول لمقام الحجاز عند ( عرايس الفكر بتجيلى ) وهو حجاز من نفس درجة النهاوند .. وسر هذه التحويلة .. أنه لايريد تغيير الطبقة الصوتية .. لا يريد أن يرفع صوته عالياً .. يريد أن يظل فى نفس الحالة المزاجية ..

ثم نأتى لمقام جديد وجميل .. هو مقام النيروز .. وهو مقام يجمع بين الراست والبياتى .. هل رأيتم شرقية أكثر من هذه ؟

إستخدم النيروز عند ( أسيب الناس فى دنيتهم ) ويعود للنهاوند ومنه للراست لينهى الكوبليه ..

أرجو أن تنتبهوا لما هو قادم ..

يغنى السنباطى ( يفوت عليا الجمال .. حتى يصل إلى .. وتفتن العابد ) ..

إستمعوا للموسيقى بعد ( تفتن العابد ) .. لقد إستعمل السنباطى طريقة السلالم الملونة ( كروماتيك ) .. ليعبر عن مرحلتان ..

المرحلة الأولى : ألوان تهز الجبال .. فإستخدم السلالم الملونة للتعبير عن الألوان الموجودة فى الكلمات

المرحلة الثانية : إستخدم نفس الجملة الموسيقية للتعبير عن الشطرة التالية ( شفايف نايمه وبتحلم ) إنه يعبر عن الحلم ..

تفكير نابع من خطة محكمة .. وليست مجرد دندنة أو جملة موسيقية لملء الفراغ اللحنى ..

ومن الراست للنهاوند للحجاز ونفس الترتيب الذى صادفناه فى الكوبليه الأول .. حتى نصل للنهاية مع الراست ..

لو حاولنا متابعة اللحن بعين متفحصة ودقيقة .. لوجدنا السنباطى يعبر عن كل كلمة أصدق تعبير .. لدرجة أنه أحياناً لا يستقر على مقام لأكثر من مازورة واحدة أو مازورتان .. والمازورة ياسادة هى أصغر وحدة فى الجملة الموسيقية أو اللحنية ..

أما عن السنباطى المطرب .. يتضح لنا أن السنباطى الملحن يعرف جيداً إمكانيات السنباطى المطرب .. ويعطيه الجمل اللحنية التى تناسبه تماماً ..

أرجو أن أكون وُفقت فى هذا التحليل المتواضع ..

وأرجو أن تعذرونى لأنى أكتب لكم هذا التحليل وأنا أعانى من ألآم الظهر اللعينة .. فإذا كان هناك تقصير أو إختصار فى التحليل فعذراً ..




__________________
مع تحياتى .. محمد الألآتى .. أبو حسام .


رد مع اقتباس