الموضوع: يا حبيبي
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 10/04/2008, 22h22
MOHAMED ALY MOHAMED ALY غير متصل  
قـناديلى ـ رحمة الله عليه
رقم العضوية:700
 
تاريخ التسجيل: mars 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 69
المشاركات: 839
افتراضي رد: يا حبيبي


ثلاثة و سبعون عامًا من الحب و الألم و التجربة النافذة إلى قلب الحياة.. هي قصة حياة شاعرنا الجميل إبراهيم عيسى..
فقد ولد في عام 1927 في حي بين السرايات بالجيزة.. و حصل على بكالوريوس التجارة عام 1949 و تقلب في عدة مناصب و أعمال مختلفة أكسبته تجربة الحياة العريضة..
و كانت تربطني به صداقة حميمة متفردة.. و قد يندهش الكثيرون لهذه الصداقة.. فهو شاعر متعصب لقالب القصيدة العمودية.. و أنا محسوب على الشعر الحديث.. لكنني كنت أتعامل مع صديقي بصفته إنسانًا أولاً.. ثم بصفته شاعرًا مجددًا في إطار القصيدة القديمة..
أما إنسانية إبراهيم عيسى.. فهي دائرة متسعة ليس لها حدود.. فقد كان طيب القلب متسامحًا.. عميق المودة.. شديد الوفاء.. سمح النفس. و بقدر ما كان متطرفًا في عاطفته كالطفل.. كان متطرفًا في غضبه كالعاصفة خاصة حينما يكتشف غدر الدنيا و غدر الأصدقاء..
و كثيرًا ما كنا نلتقي وأتلقى منه شكواه من صديق تنكر له برغم مما قدم له من عطاء و اهتمام و مساندة.. لكننا كنا ننتهي من لقائنا بأننا نتعامل مع الله.. و من ثم سرعان ما أراه يثوب إلى إيمانه حامدًا شاكرًا.
أما شاعرية إبراهيم عيسى.. فأنا أشهد هنا بأنه كان نسيجا وحده في شاعريته.. فهو يعيش التجربة و يصبر عليها و ينحت قصائده من جدار قلبه.. و ينقحها في روية وجدية.. و لهذا كان الصدق هو الصلة الوحيدة بينه و بين المتلقي.. و هو لا يكتب لمجرد شهوته في الكتابة.. فتجارب حياته حافلة بالمواقف.. و من ثم فهو مفكر في شعره.. و شاعر في فكره.. و أزعم أن شاعرًا يمتلك هذا كله في وجدانه.. يجيء في مقدمة كوكبة شعراء طريقته و عصره.. فالفكرة لديه نابعة من داخله.. عميقة الجذور.. و التعبير عنها تعبير شائق واسع الرؤية.. عذب المأخذ.. و الصور لديه مستمدة من الطبيعة الحية.. بألوانها و أصواتها.. في رومانسية طازجة عصرية..
و لقد كنت أحد الذين يحرص على أن يُسمعهم أشعاره فور الانتهاء من كتابتها.. و نتحاور كثيرًا حولها.. و كان هو يجب أن يَسْمَعَني أقرأ له قصائده بصوتي.. ربما لأنه كان يريد أن يلمس كيف سرى صدقه في وجداني.
و أشرف أنني كنت وراء نشر أحد دواوينه الثلاثة الأولى.. و كنت سعيدًا بذلك.. و مثار سعادتي تلك الابتسامة المرحة الحانية التي كنت أراها فوق ملامح وجهه..
هذا شيء من كثير جعلني أوثر صحبة إبراهيم عيسى شاعرًا و صديقًا.. فقد كان الشعر حياته.. و أنفاسه التي يتنفسها من رئتيه.. و حينما اشتد عليه المرض في شهوره الأخيرة حدثني بوصية تؤرقه.. هي أن أتولى طبع أشعاره الكاملة.. و حملت عبء هذه الوصية.. و دعوت له بطول العمر.. ويضرب القدر ضربته بعد أن هنأني صديقي بحلول شهر رمضان (1421 هـ) و كان صوته متعبًا.. لكنه لم ينس في غمرة تعبه أن يذكرني بالوصية..
و لقد وفقني الله إلى أخذ موافقة الصديق الدكتور سمير سرحان على نشر أعماله الكاملة.. فالشكر له كل الشكر.. وفي الواقع لم يتردد لحظة في موافقته لإدراكه قيمة هذا الشاعر الكبير.. وسوف يجد القارئ في هذه الأعمال التي بين يديه أعمال إبراهيم عيسى التي قدمتها إلى أسرته الكريمة:
ثلاثة دواوين مطبوعة من قبل وهي:
1- كلنا عشاق ـ نشر مكتبة غريب 1989.
2- حبيبي عنيد ـ نشر دار المعارف 1989.
3- شراع في بحر الهوى ـ الهيئة العامة للكتاب 1990.
ثم أشعاره التي لم تنشر في ديوان.. و لقد بذلت جهدًا في تنقيتها و تصفيتها من التكرار.. فقد كان رحمه الله لا يقرأ أشعاره من دواوينه و إنما يحب أن يقرأها بخط يده.. ولهذا وجدت عددًا كبيرًا من القصائد المخطوطة مكررة في الدواوين المطبوعة.. أو مصورة في أكثر من نسخة.. و حينما أطمئن قلبي إلى هذه التصفية حاولت تقسيم القصائد موضوعيًا خلال أربعة دواوين أخرى هي :
- على شاطئ النور .
- من هموم العمر .
- من حكايا القلب.
- أنا و الشعر و الوطن .
لتضم المجموعة كاملة سبعة دواوين.. و ربما توجد قصائد أخرى لدى أصدقائه.. اعتذر لقارئي عن عدم الوصول إليها.. وأحسب أن ما في هذه المجموعة يعبر تعبيرًا صادقًا عن المسيرة الشعرية لشاعرنا الكبير.. وأتمنى أن أكون قد وفقت إلى تحقيق ما أوصاني به..

والله الموفق

الشاعر

أحمد سويلم